من كافيتريا الأهرام إلى الجبهة.. كيف أصبح محمد عبد المنعم محررا عسكريا؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


فقدت الصحافة المصرية واحدا من أبرز رموزها برحيل الكاتب الصحفي الكبير محمد عبدالمنعم، اليوم الثلاثاء، بعد صراع مع المرض.

وكان الفنان تامر عبد المنعم، ابن الكاتب الراحل، كشف عند تدهور حالة والده الصحية في الأسابيع الماضية، عبر صفحته بـ”فيسبوك”، قبل أن يعلن وفاة الكاتب الصحفي الكبير اليوم.

ورغم بدايته الصحفية كمحرر خارجي شاب في “الأهرام”، إلا أن القدر كان يخبئ للكاتب الصحفي الراحل محمد عبد المنعم مسارا مختلفا ليضع اسمه ضمن أبرز المحررين العسكريين في تاريخ الصحافة المصرية.

كافيتيريا الأهرام والتحول في حياة محمد عبد المنعم

بحسب حوار نشرته “الأهرام” مع الكاتب الراحل محمد عبد المنعم في 14 مارس 2020، تعود بدايات التحول في مسيرته إلى عام 1968، في ذروة حرب الاستنزاف، حين كان يجلس في كافيتريا المؤسسة يستمع إلى نقاش بين مجموعة من كبار الصحفيين في القسم، من بينهم الأستاذ الكبير صلاح هلال، رئيس قسم التحقيقات وقتها، حيث كانوا يتبادلون التعليقات حول بيان للقوات المسلحة تكرّر فيه القول إن طائرات العدو شوهدت وهي تسقط شرقًا في سيناء بعد الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

كان التساؤل يدور حول منطقية سقوط طائرات العدو في كل مرة داخل سيناء شرق القناة، دون أن تسقط أي طائرة غرب القناة في الأراضي المصرية، وهو ما أثار استفزاز الشاب الوافد حديثا إلى قسم الخارجي، فتدخل في النقاش موضحا الأسباب من منظور عسكري بحت، مستندا إلى خلفيته الدراسية في الكلية الجوية وخبرته السابقة في غرف العمليات.

الكاتب الصحفي الراحل محمد عبد المنعم

وقال حينها مفسرا: “عندما تتعرض الطائرة للإصابة في الجو، ولا تنفجر فورا، يسعى الطيار الإسرائيلي لتجنب السقوط في الأراضي المصرية، فيوجه طائرته شرقا ناحية سيناء، وكلما كان الارتفاع أعلى، قطعت الطائرة مسافة أطول بعد إصابتها قبل أن تسقط على الأرض، وهو ما يفسّر تكرار سقوطها شرق القناة”.

أثارت تلك التوضيحات اهتمام الحاضرين، وطلب منه الأستاذ صلاح هلال صياغة ما قاله في تحقيق صحفي، فكتب عبد المنعم موضوعا تفصيليا بعنوان: “لماذا تسقط طائرات العدو شرقا؟”، وفوجئ بنشره على صفحة كاملة بـ”الأهرام”، وهو أول تحقيق صحفي ينشر باسمه في الجريدة.

الكاتب الصحفي الراحل محمد عبد المنعم

لماذا قال هيكل لمحمد عبدالمنعم “مكانك مش هنا”؟

وفقا لنصّ حوار الأهرام مع محمد عبد المنعم، في اليوم التالي، تصدّر التحقيق تقرير مركز الدراسات بالأهرام، الذي كان يرأسه حينها الأستاذ جلال الحمامصي، وجاء فيه: “حسنا أن استعان الأهرام بخبير من خارج الصحافة لكتابة هذا الموضوع”.

وأثار هذا التقييم اهتمام رئيس التحرير الأستاذ محمد حسنين هيكل، الذي حضر اجتماع “الديسك” وسأل عن كاتب الموضوع، معتقدا أنه بالفعل خبير عسكري من خارج المؤسسة، ليشيروا إلى الشاب الجالس في القسم الخارجي، فناداه هيكل قائلا: “تعالى يا أستاذ”، وعندما علم بخلفيته الدراسية، ابتسم وقال له: “أنت مكانك مش هنا.. أنت هتبقى المحرر العسكري للأهرام”.
 

الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل

ومنذ تلك اللحظة، بدأت رحلته الطويلة في عالم الصحافة العسكرية، حيث تولى على مدى ثلاثين عاما مسؤولية تغطية الملف العسكري في “الأهرام”، قبل أن ينتقل عام 1998 لرئاسة مجلس إدارة وتحرير مؤسسة “روز اليوسف”، كما شغل منصب السكرتير الصحفي للرئيس السابق محمد حسني مبارك لمدة ست سنوات، وكان صاحب فكرة تأسيس مجلة “الدفاع” العسكرية التي صدرت في عهد المشير عبد الحليم أبو غزالة.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً