أعادت عملية “مطرقة منتصف الليل” إحياء نقاش قانوني قديم حول مدى صلاحيات الرؤساء الأمريكيين لشن عمليات عسكرية دون الرجوع للكونغرس.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكي، ينص الدستور الأمريكي بوضوح على أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن سلطة إعلان الحرب هي من اختصاص الكونغرس، الأمر الذي يخلق توازناً دقيقاً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وعلى الرغم من عدم إعلان الكونغرس الحرب رسمياً سوى مرات قليلة عبر التاريخ، كان آخرها خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أن الرؤساء الأمريكيين استخدموا القوة العسكرية بشكل منفرد في مئات المناسبات بدءا من مطاردة قراصنة الكاريبي في القرن 19 إلى اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني عام 2020.
واستند الرؤساء في ذلك إلى سوابق تاريخية وتفسيرات مرنة لنصوص الدستور، التي تمنح الرئيس هامشاً واسعاً للتحرك في الظروف التي يعتبرها تهديداً للأمن القومي أو المصالح الوطنية.
هل يحد قانون صلاحيات الحرب سلطة الرئيس في استخدام القوة العسكرية؟
وجاء قانون صلاحيات الحرب لعام 1973، كرد فعل على تجاوزات السلطة التنفيذية خلال حرب فيتنام، ويهدف إلى فرض قيود على قدرة الرئيس على نشر القوات الأمريكية في الخارج دون موافقة الكونغرس.
وينص القانون على أن الرئيس لا يستطيع إرسال القوات الأمريكية إلى الخارج إلا في حال إعلان الحرب من قبل الكونغرس، أو وجود تفويض قانوني محدد، أو في حالة طوارئ وطنية نشأت عن هجوم على الولايات المتحدة أو أراضيها أو قواتها المسلحة.
كما يلزم القانون الرئيس بإخطار الكونغرس خلال 48 ساعة من توجيه القوات لأي عمل عسكري، ويمنع بقاء القوات في العمليات القتالية لأكثر من 60 يوماً، مع فترة انسحاب إضافية مدتها 30 يوماً، ما لم يمنح الكونغرس تفويضاً صريحاً باستخدام القوة أو إعلان الحرب.
ورغم وضوح هذه القيود، إلا أن الرؤساء الأمريكيين كثيراً ما تجاهلوا القانون أو فسروه بشكل يسمح لهم بهامش واسع من التصرف، الأمر الذي أدى إلى تورط الولايات المتحدة في حروب وصراعات خارجية عديدة دون موافقة صريحة من الكونغرس.
هل تتوافق ضربة إيران مع القانون الدولي؟
على المستوى الدولي، يحدد ميثاق الأمم المتحدة شروط استخدام القوة المسلحة ويقصرها على حالات الدفاع عن النفس أو بتفويض من مجلس الأمن الدولي. وقد بررت الولايات المتحدة الهجوم على إيران بأنه يأتي في إطار الدفاع الجماعي عن النفس ودعم الحلفاء، بينما اعتبرت إيران العملية عدواناً غير مشروع يقتضي الرد والدفاع عن النفس.
ويظل الجدل قائماً بين الخبراء القانونيين حول مدى ضرورة أن يكون التهديد وشيكاً لتبرير استخدام القوة العسكرية في إطار الدفاع عن النفس، حيث تتبنى الولايات المتحدة وبعض حلفائها تفسيرات موسعة لمفهوم الدفاع عن النفس، في حين يطالب آخرون بوجود تهديد وشيك فعلي قبل اللجوء إلى القوة.
ماذا سيحدث لاحقاً؟
يُلزم قانون صلاحيات الحرب الإدارة الأمريكية بإبقاء الكونغرس مطلعاً على تطورات العمليات العسكرية، وتقديم تقارير دورية حول أسبابها وأهدافها ومدتها المتوقعة.
برغم ذلك، كثيراً ما تطغى الاعتبارات السياسية على النقاش القانوني، ولا تتدخل المحاكم عادة في الفصل بين صلاحيات الكونغرس والرئيس في مسائل الحرب، الأمر الذي يجعل من الصعب وضع حدود فاصلة وواضحة بين السلطتين في هذا المجال.
وتبقى النقطة القانونية الفاصلة مرتبطة بما إذا كانت العمليات ستستمر لما بعد المهلة المنصوص عليها في القانون، ما قد يفرض على الرئيس اتخاذ قرار صعب بين الالتزام بتوجيهات الكونغرس أو التمسك بصلاحياته التنفيذية.
وفي ظل هذا الواقع، يظل الجدل القانوني والسياسي حول صلاحيات شن الحرب في الولايات المتحدة قائماً، مع استمرار الرؤساء في استغلال الثغرات القانونية والتاريخية للتحرك العسكري السريع دون العودة الكاملة للسلطة التشريعية.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg
جزيرة ام اند امز