بلغ في السادسة وأصبح “معجزة طبية”.. قصة “سيد” تحيّر أطباء مصر بمستشفى الطلبة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في صباح هادئ من خمسينيات القرن الماضي، فتحت إدارة “مستشفى الطلبة” بالقاهرة خطابًا مقتضبًا وصل من صعيد مصر، وتحديدًا من “مدرسة خزان أسوان الابتدائية”.

أربع كلمات فقط كانت كل محتوى الرسالة: “افحصوا هذه الحالة الشاذة”، ولم يتوقع الأطباء حينها أن وراء تلك الكلمات قصة ستتحول إلى واحدة من أغرب الملفات الطبية في تاريخ الطب المصري.

فرحة قصيرة الأجل

في 3 أغسطس عام 1949، استقبل السيد محمد إبراهيم سليم وزوجته مولودهما البكر الذي أسموه “سيد”، وكانت فرحة الأبوين لا توصف، لكن تلك الفرحة ما لبثت أن اختلطت بالدهشة بعد 18 شهرا فقط، عندما بدأ جسد الطفل يخرج عن المألوف.

قصة الطفل سيد في مجلة المصور

بحسب ما نشرته مجلة المصور في عددها الصادر في 31 ديسمبر 1955، لاحظت الأم أن جسد ابنها ينمو بشكل سريع وغير متناسب مع سنه، حيث ظهر الشعر بكثافة في أنحاء جسده، وتحوّل صوته الطفولي إلى صوت رجولي غليظ، وأخذت ملامحه تقترب من ملامح الرجال رغم أنه لم يكمل عامه الثاني بعد، ومع أن المشهد بدا صادمًا، تعاملت الأم مع الأمر كمصدر للفخر، متباهية بـ”رجلها الصغير” أمام الجيران.

أزمة في المدرسة

في السادسة من عمره، التحق سيد بمدرسة خزان أسوان الابتدائية، لكن مظهره المختلف جعله هدفًا لتنمر زملائه، الذين راحوا يلقبونه بـ”التخين”، وهو ما دفعه للشكوى لمدير المدرسة.

وبمجرد أن دخل مكتب المدير، فوجئ الرجل الوقور بصوت رجولي يخرج من فم الطفل الذي يقف أمامه، وهو ما أصابه بدهشة شديدة دفعته لاستدعاء طبيب المدرسة، الذي عجز عن حل لغز حالة “سيد”، فكتب الخطاب الشهير وأرسل الطفل إلى القاهرة.

الطفل سيد يستعرض عضلاته

البلوغ الجنسي المبكر

في “مستشفى الطلبة”، بدأ الأطباء تحقيقا دقيقا للتأكد من عمر الطفل الحقيقي، بمراجعة شهادة ميلاده مع وثيقة زواج والديه، وبعد التأكد من دقة الأوراق، أدركوا أنهم أمام حالة طبية نادرة تعرف بالبلوغ الجنسي المبكر “Precocious Puberty”.

ووفقًا لتقرير مجلة المصور، رجّح الأطباء أن يكون السبب ورما في الغدة الكظرية الواقعة أعلى الكليتين، وهي من الغدد المسؤولة عن تنظيم الهرمونات الجنسية في الجسم.

ولم تكن هذه هي الحالة الوحيدة في مصر وقتها، إذ ذكرت المجلة أن الأطباء كانوا قد استقبلوا قبلها بستة أشهر حالة مشابهة لطفل آخر عمره 7 سنوات خضع لجراحة ناجحة.

سيد يحلق ذقنه

وبحسب تقرير الفحوصات الذي نشرته المجلة، بلغ طول “سيد” 123 سنتيمترا، وكان يعاني من قصر في عظام الفخذ، ويمشي بوقار غير معتاد بالنسبة لصغير في مثل عمره، وظهرت فوق رأسه شعيرات بيضاء، والمفاجأة أنه كان يمتلك قدرة جنسية كاملة تتيح له الإنجاب، إلا إنه كان يفكر كطفل في السادسة من عمره، فحين سألوه بعد الفحوصات ماذا تريد، رد ببراءة: “عاوز أرجع البلد عشان أشوف أمي”.

ملامح سيد ظلت بريئة رغم حالته النادرة

ماذا يقول الطب عن البلوغ المبكر؟

بحسب موقع “National Library of Medicine” في تقريره الطبي المفصل تحت عنوان “Precocious Puberty”، يعتبر البلوغ المبكر هو ظهور علامات النضج الجنسي في سن مبكرة جدا، تكون قبل عمر 8 سنوات لدى الفتيات، وقبل 9 سنوات لدى الذكور.

وتشمل الأعراض، نمو الثدي لدى الفتيات وتضخم الأعضاء التناسلية لدى الأولاد، وظهور شعر العانة وتغير الصوت، والتسارع المفاجئ في الطول، وتباطؤ النمو لاحقا قبل الوصول للطول الجيني المتوقع.

أما الأسباب المحتملة لتلك الحالة فتشمل أورام في الغدة النخامية أو الكظرية أو الدماغ، واضطرابات في الجهاز العصبي المركزي، أوعوامل وراثية نادرة، وأحيانا لا يتمكن الأطباء من تحديد سبب واضح لتلك الحالة.

ما هو علاج البلوغ المبكر؟

يعتمد العلاج عادة على نوع البلوغ المبكر وأسبابه، وفي العديد من الحالات، يلجأ الأطباء لاستخدام محفزات هرمون الغدد التناسلية “GnRH agonists”، والتي تعمل على وقف مؤقت لعملية النضوج الجنسي عبر تعطيل إفراز الغدة النخامية لهرمونات الجنس، وفي بعض الحالات المرتبطة بالأورام أو الاختلالات الهرمونية الشديدة، قد يتطلب الأمر تدخلا جراحيا أو علاجات إضافية.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً