عبر ثلاثة مسارات، تعاملت الإمارات مع الحرب الإيرانية الإسرائيلية للدفع بجهود التهدئة وخفض التصعيد ومواجهة تداعياتها على مختلف الأصعدة.
أول تلك المسارات كان المسار الدبلوماسي، والذي بدأ عقب اندلاع المواجهة في 13 يونيو/حزيران الجاري، وما زال متواصلاً، وقد كثفت الإمارات عبره حراكها بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، لبحث جهود التهدئة ووقف التصعيد بين إيران وإسرائيل، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
ثاني تلك المسارات كان المسار الإنساني، والذي تم عبره إعفاء رعايا إيران الموجودين في الإمارات من غرامات التأخير، بتوجيهات من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إضافة إلى قيام الإمارات بإجلاء عدد من مواطنيها والمقيمين فيها الموجودين في إيران، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية، حرصاً على سلامتهم.
المسار الثالث هو المسار البيئي، وذلك عبر متابعة الجهات الوطنية المختصة، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين، تطورات الوضع المرتبط بالمنشآت النووية في إيران بعد قصفها، للتأكد من عدم وجود تأثيرات على الإمارات والمنطقة.
إجراءات شاملة ومتكاملة تؤكد أن “الإمارات صوت العقل، وركيزة للسلام والاستقرار والازدهار”، كما أكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، في تدوينة له.
وقال د. قرقاش عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “إكس”، اليوم الأحد: “في ظل هذه الظروف الإقليمية الاستثنائية، ثقتنا مطلقة في حكمة قيادتنا، وعلى رأسها الشيخ محمد بن زايد، في توجيه الدفة ببصيرة وثبات”.
وأضاف: “وستظل الإمارات صوت العقل، وركيزة للسلام والاستقرار والازدهار”.
ودخلت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، التي بدأت في 13 يونيو/حزيران الجاري، منعطفاً جديداً خلال الساعات الماضية، بدخول أمريكا على الخط، بعد قصفها فجر اليوم الأحد ثلاث منشآت نووية إيرانية، هي: “فوردو”، و”نطنز”، و”أصفهان”.
حراك دبلوماسي
إثر الهجمات الأخيرة على إيران، أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن قلقها البالغ من استمرار التوتر في المنطقة واستهداف المنشآت النووية الإيرانية، وطالبت بضرورة الوقف الفوري للتصعيد لتجنّب التداعيات الخطيرة وانزلاق المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.
وأكدت وزارة الخارجية في بيان لها على ضرورة تغليب الدبلوماسية والحوار لحل الخلافات، ضمن مقاربات شاملة تحقق الاستقرار والازدهار والعدالة. وجددت مطالبتها المجتمع الدولي بحشد الجهود للوصول إلى معالجة شاملة لهذه التطورات الحساسة والخطيرة تحفظ المنطقة وشعوبها من ويلات الصراعات.
ودعت الإمارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياتهما من خلال العمل الجاد على حل القضايا المزمنة في المنطقة، التي باتت على المحك وتشكل تهديدًا متزايدًا للأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي.
كما شدد البيان على إيمان دولة الإمارات بأن الحكمة والمسؤولية في هذه الظروف تقتضيان الانخراط الجاد في معالجة القضايا المصيرية عبر التفاوض، مؤكداً ضرورة الاستفادة من تجارب المنطقة التاريخية وحروبها، وما تحمله من دروس وعِبَر.
كذلك، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، اليوم الأحد، اتصالات هاتفية مع كل من الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس وزراء المملكة العربية السعودية، لبحث مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وتداعياتها الخطيرة على الأمن والسلم الإقليميين.
وأكد رئيس الإمارات وقادة الدول الشقيقة أن التوترات التي تشهدها المنطقة ستؤدي إلى تداعيات خطيرة على المستويين الإقليمي والدولي، داعين الأطراف كافة إلى التحلي بالحكمة، واللجوء إلى الحوار والحلول السلمية، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب التصعيد، مشددين على دعم بلدانهم لكل ما من شأنه تحقيق التهدئة عبر الوسائل الدبلوماسية.
وتأتي تلك المباحثات ضمن أحدث الجهود الدبلوماسية الإماراتية لبحث جهود التهدئة ووقف التصعيد بين إيران وإسرائيل، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشملت تلك الجهود إصدار بيانات وإجراء مباحثات واتصالات مع قادة ومسؤولين من أكثر من 36 دولة حول العالم على مدار الأيام الماضية، إيمانًا من الإمارات بأن ما تشهده المنطقة يحتّم تحركًا إقليميًا – دوليًا منسقًا لوقف التصعيد.
ومنذ اندلاع المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل قبل 10 أيام، لا يكاد يمر يوم دون أن يجري كل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، اتصالات دبلوماسية مع قادة ومسؤولين حول العالم، لبحث خفض التصعيد وتجنب اتساعه.
ويأتي ذلك في إطار حرص الإمارات على تغليب الدبلوماسية والحوار كخيار وحيد بعيدًا عن لغة المواجهة والتصعيد، وضمن أسس شاملة تحقق الاستقرار والازدهار والعدالة لشعوب المنطقة.
وضمن جهودها الدبلوماسية لحل الأزمة، أصدرت دولة الإمارات، الثلاثاء الماضي، بيانًا تضمن خارطة طريق شاملة لحل الأزمة الإيرانية الإسرائيلية ووقف التصعيد بين البلدين، وإرساء الأمن والسلم الدوليين.
ورسم الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان عبر البيان خارطة طريق لحل الأزمة، تضمنت إطارًا شاملاً وفق أسس وقواعد محددة، إضافة إلى آليات تحدد أدوار الأمم المتحدة ومجلس الأمن في حل الأزمة، وسط تحذيرات من تداعياتها على أمن واستقرار المنطقة والعالم.
وطرح الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان رؤية إماراتية شاملة لحل الأزمة تنطلق من محورين هامين:
– ضرورة إيجاد مقاربة دبلوماسية تقود الطرفين إلى التهدئة وإنهاء هذه المواجهة ومنع انزلاقها إلى منحنيات غير مرغوب فيها وغير محمودة.
– لا بدّ من التحرك السريع نحو غاية واضحة، وهي الوقف الفوري لما يجري قبل أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة.
– وبيّن أن تحقيق هذه المقاربة الدبلوماسية يأتي من خلال عدة آليات، وهي:
– التحرك العاجل والمنسق على المستويين الإقليمي والدولي لتجنب مخاطر توسيع رقعة الصراع واحتواء انعكاساته على السِّلم والأمن في المنطقة، وعلى المشهد الدولي بشكل عام.
– قيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتحمل مسؤولياتهما الكاملة في منع المزيد من التصعيد.
– اتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لوقف إطلاق النار وإرساء الأمن والسلم الدوليين.
وجاء البيان الإماراتي غداة إصدار بيان مشترك عن وزراء خارجية 20 دولة، في مقدمتها دولة الإمارات، أعربوا فيه عن قلقهم البالغ حيال التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، ودعوا إلى العودة لمسار المفاوضات في أسرع وقت ممكن.
إجراءات إنسانية
وجنبًا إلى جنب مع حراكها الدبلوماسي، كان المسار الإنساني حاضرًا في معالجة الإمارات للأزمة، للتخفيف من تداعياتها على المتضررين منها.
وضمن هذا المسار، قررت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ في الإمارات إعفاء رعايا إيران المتواجدين داخل الدولة من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة تأخرهم في مغادرة الإمارات، سواء كانوا من فئة المقيمين أو القادمين إليها بمقتضى تأشيرة دخول، أيًّا كان نوعها.
ويأتي هذا الإجراء استجابة للظرف الاستثنائي الذي تشهده المنطقة، وتخفيفًا عن هذه الفئة التي تعذّر عليها العودة إلى موطنها، نظرًا لإغلاق المجال الجوي وتعليق رحلات الطيران، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وأكدت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ التزامها بمراعاة البُعد الإنساني، وتوفير الدعم الكامل للمقيمين والزائرين لأرض الدولة.
المسار البيئي
على الصعيد البيئي، وبعد التصعيد الأخير، طمأنت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في الإمارات الجمهور بأن الجهات الوطنية المختصة تتابع عن كثب تطورات الوضع المرتبط بالمنشآت النووية في إيران.
وأكدت الهيئة أنها على اطّلاع ومتابعة مستمرة للمستجدات، بالتنسيق مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وتتلقى بشكل دوري التحديثات من القنوات الرسمية.
وقالت الهيئة إنه بناءً على المتابعة المستمرة للموقف، فإنها تؤكد عدم وجود تأثيرات على الدولة نتيجة هذه التطورات.
ودعت الجميع إلى استقاء المعلومات من المصادر الرسمية، وتجنّب تداول الشائعات والأخبار غير المؤكدة.
دعم الأمن والسلم الدوليين
يُجسد الحراك الإماراتي لحل الأزمة الإيرانية الإسرائيلية جهود الدولة في دعم الأمن والسلم الدوليين، وحراكها المتواصل لحل الأزمات الدولية والإقليمية، وهو حراك ينطلق من قواعد ومبادئ إماراتية مهمة، من أبرزها:
إيمان دولة الإمارات بضرورة إيجاد حلول دبلوماسية للصراعات والأزمات القائمة في المنطقة، وخفض التوترات دائمًا.
– إيمان الإمارات بأن الطريق لحل الأزمات يكون من خلال احترام سيادة الدول، والتمسك بالقانون الدولي.
– عمل دولة الإمارات المتواصل على حل أزمات المنطقة وتجنيبها أزمات جديدة، والدفع باتجاه إنجاح السلم والاستقرار.
– إيمان دولة الإمارات بأن الحوار هو السبيل الوحيد لضمان أمن الشعوب والدول.
– حرص الإمارات على تعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحديات.
– دعم الإمارات للجهود الإقليمية لتفادي الانزلاق نحو أية صراعات جديدة في المنطقة.
– إيمان الإمارات بأن الأزمات لن تُحل إلا بإرادة سياسية وبالوساطة الفاعلة.
– الإمارات داعية للسلم والسلام، ولم ولن تكون طرفًا في أي صراع.
– جهود إماراتية متواصلة لحل الأزمة ضمن حراك مستمر لدعم الأمن والسلم الدوليين.
ومنذ عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرّست دولة الإمارات نفسها لاعبًا أساسيًا وشريكًا هامًا في إنجاح مبادرات السلام على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك انطلاقًا من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح ونبذ التعصب.
ولا ينسى العالم الجهود الإماراتية البارزة التي أسهمت في إنهاء أطول نزاع في أفريقيا، بين إثيوبيا وإريتريا في يوليو/تموز 2018، بوساطة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز