موقف دولة الإمارات من الحرب التي فاجأت فيها الحكومة اليمينية الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو العالم يوم 13 يونيو الحالي جمهورية إيران؛ التي كانت تتفاوض مع الإدارة الأمريكية حول الحل الدبلوماسي للبرنامج النووي لها، يمكن تلخيصه في..
الرفض الكامل لاستخدام القوة العسكرية أو العنف في معالجة الأزمة، وأياً من الطرفين لو انتصر فإنه سيكون متضرراً أيضاً، وعليه فإن التركيز على الحوار والتفاوض هما أفضل الحلول وأكثرها استدامة واستمرارية.
وتبدو هذه الحرب التي شنتها إسرائيل كانت مفاجئة لكل دول العالم بما فيها الولايات المتحدة، كما يروج، وليس إيران فقط. لأنها حدثت قبل يومين فقط من الجولة السادسة للمفاوضات النووية المقرر عقدها في العاصمة العمانية مسقط. لأنه لو كانت الإدارة الأمريكية على علم أو حتى تنبأت بالضربة لما أصرت على المفاوضات، فالضربة وضعت العالم بأسره في حالة قلق واضطراب كبيرين، حتى وإن كانت إسرائيل حققت من خلالها ما لم تحققه منذ بدء الصراع بينهما.
وقد استخدمت دولة الإمارات العديد من الأدوات والأساليب لبيان موقفها الرافض لهذه الحرب المخيفة من تلك الأدوات: المشاركة في البيان الذي أصدره مجلس التعاون لدول الخليجي العربي، فالموقف الخليج بأكمله يندد الهجوم على إيران.
ومن تلك الأدوات كذلك سرعة التواصل مع القيادة الإيرانية على المستوى السياسي والدبلوماسي لتعبير عن موقف الدولة والتأكيد على الوقوف بجانب إيران، بالإضافة إلى مناقشات التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مع العديد من قادة العالم فيما يعرف بـ”دبلوماسية القمة” لمناقشة تطور تداعيات هذه الحرب والاحتمالات المترتبة عليها من أجل السعي لإيقافها.
كما ينطلق قلق الإمارات من استمرارية الحرب بين إيران وإسرائيل من قناعة راسخة في تحركاتها الدولية أن الدبلوماسية كقوة للسلام العالمي وهو الأمر الذي يبرر مسارعة العديد من قادة العالم إلى التواصل مع قيادة الدولة. حيث تبدو الإمارات بالنسبة للعديد من قادة العالم الدولة الأكثر دعماً للأساليب الدبلوماسية والقادرة على خلق التوافقية بين المتصارعين بفضل نجاحها في إدارة الحرب بين روسيا وأوكرانيا وحققت العديد من النجاحات لم يستطع الآخرون تحقيقها، وبالتالي فليس غريباً أن تتوجه بعض الأنظار الدولية نحو المساعي الدبلوماسية الإماراتية.
وهناك مجموعة المحاذير تدفع بدولة الإمارات لأن تكثف حراكها الدبلوماسي أبرز تلك المحاذير. أن البلدان إيران وإسرائيل تمتلكان أسلحة غير تقليدية وقد يؤدي استخدام تلك الأسلحة إلى توسعة تداعيات الحرب في لحظة تاريخية يواجه فيها العالم عددا من الحروب.
ومن تلك المحاذير، أيضاً، أن الحرب تجري في منطقة تتداخل فيها مصالح كافة دول العالم خاصة الكبرى وبالتالي التوافق فيها أمر غاية في الأهمية، كما أن المنطقة تطل على العديد من الممرات الدولية المهمة التي لا تقبل تهديدها. والأهم من كل ذلك، أن دروس التاريخ عملتنا أن الحروب لا يوجد فيها منتصر بشكل كامل حتى لو افترضنا أن إسرائيل في هذه الحرب استطاعت أن تحقق أهدافها الاستراتيجية؛ لكن هذا لا يعني أن إيران لن تفكر في الانتقام مستقبلاً وبالتالي فإن المنطقة ستكون على “صفيح ساخن”. ما يعني أن أفضل طريقة لحل نهائي للصراع هو الجلوس على طاولة المفاوضات فهذا أوقع وأفضل للطرفين.
في الحقيقة وبدون أي مبالغة إن المشهد الإقليمي غير مسبوق، رغم أن المنطقة مرت بحروب سابقة إلا أن هذه الحرب مختلفة ومخيفة فعلاً. فمن غير أن الصراع يندفع في كل مرة نحو فصل جديد أكثر تعقيداً وصعوبة مما كانت عليه من اليوم الذي سبقه فإن تأثيراتها على أمن جيران الطرفين الإيراني والإسرائيلي كبيرة وخطيرة بعدما تم التخلي عما كان يعرف استراتيجياً بينهما “قواعد الصراع” المستمرة منذ أكثر من أربعة عقود ولأول مرة المواجهة مباشرة بينهما وكذلك التهديد بالسلاح النووي، ما يعني عدم تهاون المجتمع الدولي فيما يحدث.
لا يمكن القول إن ما يحدث بين إسرائيل وإيران هو مجرد حرب أو صراع عسكري بينهما؛ خاصة بعدما دخلت أمريكا فيها بجانب إسرائيل، بل لا بد من الاعتراف بأن احتمالات خروجها عن السيطرة وارد إذ ما حدثت “مغامرة” ولو بالخطأ من قبل إيران في مس القواعد العسكرية في المياه الدولية، فربما يدفع الاستقرار العالمي ثمناً باهضاً لأن الحرب حينها لن تبقى بين الطرفين فقط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة