تُعد القنبلة الأمريكية الخارقة للتحصينات، أحد أقوى الأسلحة التقليدية التي طورتها الولايات المتحدة لاستهداف المنشآت العسكرية المحصنة والمدفونة عميقًا تحت الأرض، مثل المنشآت النووية الإيرانية.
وأحدث ظهور لهذه القنبلة على ساحة الحروب كان فجر اليوم الأحد، عندما استخدمتها الولايات المتحدة لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
تزن هذه القنبلة حوالي 13,600 كيلوغرام (30,000 رطل) ويبلغ طولها نحو 6.2 متر (20.5 قدم)، وهي مصنوعة من سبيكة فولاذية عالية الكثافة تسمح لها باختراق ما يصل إلى 60 مترًا (200 قدم) من الصخور أو الخرسانة المسلحة قبل أن تنفجر، بحسب موقع “سايننتفك أمريكان”.
القنبلة الخارقة: ما هي GBU-57/B؟
الرمز “GBU” يعني “وحدة قنبلة موجهة” (Guided Bomb Unit)، وهي قنابل ذكية تُوجّه بدقة إلى أهدافها. أما الرقم 57، فيشير إلى ترتيب التصميم ضمن هذه الفئة. أما الحرف “B”، فيُشير إلى الإصدار أو التعديل في سلسلة النماذج.
بعد غزو العراق عام 2003، وجدت البحوث العسكرية أن النماذج القديمة من قنابل الاختراق لم تتمكن من الوصول إلى أعماق كافية، وكان المطلوب سلاحًا فائقًا — قادرًا على اختراق التحصينات، مع احترام ما يُعرف بـ”الخط الأحمر النووي”، وهو إجماع دولي على عدم استخدام الأسلحة النووية لتجنّب العواقب الإشعاعية والتصعيد العالمي والعزلة الدبلوماسية.
فكانت الإجابة GBU-57/B التي تُعرف أيضًا باسم القنبلة الخارقة للتحصينات الثقيلة. ووفقًا لبيان القوات الجوية الأمريكية، فهي “نظام سلاح مصمّم لتنفيذ مهمة معقدة وصعبة تتمثل في الوصول إلى أسلحة دمار شامل داخل منشآت شديدة التحصين وتدميرها”.
تصميم القنبلة وآلية عملها
تحتوي قنبلة BU-57 على متفجرات عالية الأداء، بوزن إجمالي يصل إلى 2,423 كيلوغرام (5342 رطلا). هذه المتفجرات مصممة للانفجار بشكل متحكم فيه داخل المساحات المحصنة، مما يزيد من فعالية التدمير داخل المنشآت تحت الأرض.
تمتاز القنبلة بنظام توجيه دقيق يجمع بين الملاحة بالقصور الذاتي ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS/INS)، مما يمكنها من إصابة أهدافها بدقة تصل إلى أمتار قليلة.
عندما تُلقى القنبلة من ارتفاع 50,000 قدم (الحد الأقصى لطيران قاذفة الشبح B-2 Spirit)، تستخدم القنبلة زعانف ذكية لتوجيه نفسها بدقة. ورغم أن سرعة الاصطدام مصنّفة كـ”سرية”، إلا أنها تُقدّر بأنها تتجاوز سرعة الصوت (767 ميلا/ساعة).
هذه السرعة تُولّد طاقة حركية هائلة تتراوح بين 800 و900 ميغا غول – أي ما يعادل تقريبًا طاقة طائرة بوينغ 747-400 تزن 285 طنًا تهبط بسرعة 170 ميلا/ساعة. ولكن في حالة القنبلة، تُركّز هذه الطاقة في مساحة صغيرة جدًّا.
وفقًا لتقرير صادر عن “خدمة البحوث في الكونغرس” عام 2012، فإن القنبلة يمكن أن تخترق ما يصل إلى 200 قدم من الخرسانة أو الصخور ذات الكثافة العالية (5,000 رطل لكل بوصة مربعة، أي ما يعادل صلابة جسور السيارات أو مواقف السيارات متعددة الطوابق). وبعد ذلك، تنفجر شحنتها المتفجرة البالغة 5,300 رطل.
تاريخ التطوير والدخول إلى الخدمة
بدأ تطوير القنبلة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية برنامجًا لتصميم سلاح قادر على اختراق المنشآت العميقة المحصنة، خاصة بعد أن كانت الأسلحة النووية تُعتبر الخيار الوحيد لاختراق هذه المواقع، وهو ما كان غير مرغوب فيه لأسباب سياسية.
تولت شركة بوينج مهمة تصنيع القنبلة، وأجريت أولى تجارب إسقاطها في 2008، مع استمرار الاختبارات حتى 2017 في صحراء نيو مكسيكو.
دخلت GBU-57 الخدمة الفعلية في عام 2011، وهي تُستخدم حاليًا فقط من قبل قاذفات الشبح الأمريكية B-2 Spirit، التي يمكنها حمل قنبلتين من هذا النوع. كما يُخطط لدمجها في قاذفات الجيل الجديد B-21 Raider مستقبلاً.
الاستخدامات والقدرات القتالية
تُعتبر هذه القنبلة متخصصة في استهداف المنشآت العميقة مثل منشأة “فوردو” الإيرانية لتخصيب اليورانيوم، التي تقع تحت جبل وتتمتع بتحصينات شديدة. ويُعتقد أن تدمير منشآت بهذا المستوى من التحصين يتطلب استخدام عدة قنابل من طراز GBU-57، حيث قد يحتاج الأمر إلى ست قنابل لكل منشأة لضمان اختراقها وتدميرها بشكل كامل.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز