قمة أذرية أرمينية استضافتها الإمارات، تعد خطوة هامة على طريق إنهاء خلاف دام عقود بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز، وإتمام السلام بينهما.
قمة استبقها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بلقاءين مع إلهام علييف، رئيس أذربيجان، ونيكول باشينيان، رئيس وزراء أرمينيا كل على حدة، وجه خلالهما رسائل مهمة أسهمت في تهيئة الأجواء للقاء ووضع قواعد ومبادئ تؤسس لسلام مستدام بين البلدين.
تأتي استضافة الإمارات لتلك القمة، ضمن مبادرات الإمارات المتواصلة لإنهاء الخلافات بالحوار والطرق الدبلوماسية، ونشر الأمن والسلام بالعالم، والتي توجت بتحقيق نجاحات عدة في عدة قارات بالعالم منها آسيا وأوروبا وأفريقيا.
أيضا يحمل اختيار البلدين دولة الإمارات كأرض للقاء والحوار، دلالات مهمة تبرز ثقتهما بالدولة الخليجية وقيادتها كداعم موثوق للسلام، وجهودها لتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.
لقاء مهم.. ورسائل ملهمة
واستضافت دولة الإمارات، لقاءً بين إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، ونيكول باشينيان، رئيس وزراء جمهورية أرمينيا، الخميس، بحثا خلاله العلاقات الثنائية بين بلديهما، وسبل دعم الجهود الرامية إلى بناء جسور الثقة وتعزيز الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز.
كما التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، كلا من الرئيس علييف، ورئيس الوزراء باشينيان، على حدة، حيث رحّب بهما وأعرب عن تقديره لاختيارهما دولة الإمارات كأرض للقاء والحوار، انطلاقاً مما تحظى به من ثقة دولية كداعم موثوق للسلام، والحلول الدبلوماسية، والتعاون متعدد الأطراف، وجهود تعزيز الاستقرار الإقليمي.
وأكد رئيس دولة الإمارات، خلال اللقاءين، على عدد من الأمور المهمة، أبرزها:
-حرص دولة الإمارات على دعم كافة الجهود التي تهدف إلى ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة القوقاز، وتحقيق التنمية والازدهار لشعبي أذربيجان وأرمينيا.
– أهمية الحوار البنّاء والتفاهم المشترك بين الدولتين الجارتين.
– التأكيد على موقف دولة الإمارات الداعي إلى تغليب الحلول السلمية وتعزيز التعاون المستدام في المنطقة.
– اعتزاز دولة الإمارات بعلاقاتها الثنائية مع كل من أذربيجان وأرمينيا، وما تشهده هذه العلاقات من نمو في المجالات كافة.
– تطلع دولة الإمارات إلى البناء على ما تحقق من تعاون، وتوسيع آفاق الشراكات بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز السلام الإقليمي والدولي.
قواعد ومبادئ ورسائل تعكس حرص الإمارات على إنهاء الخلاف، ويبرز دورها في بناء جسور الدبلوماسية والسلام في العالم.
وهو ما عبر عنه د. أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات في تدوينة له عبر حسابه في موقع التواصل “إكس” قال فيها:”اللقاء الذي جمع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في أبوظبي خطوة إيجابية نحو سلام دائم بين الجارين”.
وأضاف :” ويعكس دور الإمارات في تيسير هذا اللقاء سياستها الراسخة، بقيادة الشيخ محمد بن زايد، في بناء الجسور وتغليب الدبلوماسية، ضمن رؤية تضع السلام والاستقرار والازدهار الإقليمي في جوهرها”.
ومنذ الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي في 1991، تواجهت أرمينيا وأذربيجان -الواقعتان في منطقة القوقاز- في معارك حدودية عدة، وسعت كل من روسيا ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى التوسط بين الدولتين لفض النزاعات.
وفي مارس/آذار الماضي، قالت أذربيجان وأرمينيا، إنهما توصلتا إلى “اتفاق سلام” بعد مفاوضات كان الغرض منها تسوية النزاع القائم بينهما منذ عقود.
وأصدرت الخارجية الأرمينية آنذاك بيانا جاء فيه أن “اتفاق السلام جاهز للتوقيع. جمهورية أرمينيا مستعدة لبدء مشاورات مع جمهورية أذربيجان بشأن موعد ومكان التوقيع”.
وفي حينه، رحبت دولة الإمارات بإعلان البلدين إنجاز مفاوضات السلام بينهما، وأعربت عن أملها في أن ترسّخ هذه الخطوة التاريخية جسور التواصل والحوار والاستقرار، وتحقق التنمية لشعبي أرمينيا وأذربيجان، وفي منطقة القوقاز بشكل عام.
وما زالت الجهود والمساعي متواصلة لإتمام ذلك الاتفاق، لإنهاء دام عقود بين البلدين.
دلالات مهمة
ويحمل اختيار البلدين لدولة الإمارات كأرض للقاء والحوار دلالات عدة من أبرزها:
– تجسد الثقة التي تحظى بها دولة الإمارات لدى أذربيجان وأرمينيا.
– تعبر عن العلاقات القوية التي تربد الإمارات بالدولتين.
– تبرز سعي الإمارات الحثيث والمتواصل للدفع بحل سلمي للأزمات التي يشهدها العالم.
– تتوج المبادرة الإماراتية الجديدة دبلوماسية سلام أبوظبي الساعية لدعم الأمن والاستقرار في العالم، بعد نجاحها في إنهاء أزمات عدة.
– تبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات وتواصل ريادتها الدولية وتزايد ثقة العالم وتقديره لقيادتها ولجهودها ووساطاتها.
دبلوماسية الشراكات
أيضا قبيل قمة السلام الأذرية الأرمينية، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس إلهام علييف، مساء الأربعاء، توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين والتي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المشترك وتنويعه وازدهاره وذلك في إطار العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين.
اتفاقية جديدة، تشكل دفعة مباشرة لجهود السلام والازهار في منطقة القوقاز، تأتي في إطار إيمان دولة الإمارات بأن الشراكات وحدها قادرة على تخطي تحديات اليوم المركبة والمتداخلة، وأنها السبيل الأمثل لتحقيق السلام والأمن والتقدم والرخاء والازدهار والتنمية.
وتحرص دولة الإمارات على تعزيز علاقاتها مع جميع دول العالم، وتولي تعزيز الشراكات مع الدول صاحبة التجارب والخبرات الاقتصادية المتميزة اهتماما استثنائيا، بما يسهم في بناء جسور التواصل والتعاون مع مختلف دول العالم، وبما يحقق المصالح المشتركة ويسهم في جهود التنمية والتطوير والتقدم في شتى المجالات.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين تأتي في إطار نهج دولة الإمارات تجاه مواصلة بناء شراكات تنموية حول العالم تسهم في تحقيق التنمية والازدهار وتعزيز السلام والاستقرار وخلق الفرص للأجيال القادمة.
وأكد أن الاتفاقية تعد محطة مهمة في مسيرة العلاقات الإماراتية ـ الأذرية، مشيراً إلى أنها تجسد الطموحات المشتركة لدولة الإمارات وأذربيجان الرامية إلى مواصلة بناء اقتصاد مرن قائم على المعرفة والابتكار يلبي متطلبات التنمية.
سلام عابر للحدود
وتعد استضافة الإمارات للقمة الأذرية الأرمينية مبادرة إماراتية جديدة على طريق تحقيق السلام وإنهاء نزاع استمر نحو 4 عقود، يتوج جهودا إماراتية متواصلة لنشر السلام في العالم.
ومع كل جهد إماراتي لدعم السلام والاستقرار، يستذكر العالم بامتنان وتقدير نجاح وساطة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لنزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا، في يوليو/تموز 2018، الأمر الذي أسهم في إرساء علاقات استقرار في المنطقة واحترام حسن الجوار.
وفي 9 يوليو/تموز 2018، وقّع أسياس أفورقي رئيس إريتريا وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا إعلانا حول السلام، ينهي رسميا عقدين من العداء بعد آخر مواجهة عسكرية عام 2000 بين الجانبين، خلفت نحو 100 ألف قتيل من الجانبين وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين وأهدرت أكثر من 6 مليارات دولار.
وتوج الاتفاق عددا من الخطوات الإيجابية بمبادرة إماراتية لإنهاء الصراع بين إثيوبيا وإريتريا من خلال قمة ضمت الزعيمين في العاصمة أبوظبي، في خطوة شكّلت انتصارا لدبلوماسية السلام.
أيضا يستذكر العالم بامتنان وتقدير للإمارات وقيادتها، جهود الإمارات المتواصلة لإنهاء الأزمة الأوكرانية.
وتوجت جهود الإمارات بنجاحها في إبرام 15 وساطة لتبادل الأسرى منذ مطلع عام 2024 تم بموجبها إطلاق 4132 أسيرا، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين طرفيها.
نجاحات متتالية تؤكد من خلالها دولة الإمارات أنها ليست مجرد وسيط محايد، بل صانعة فرص سلام، لتثبت أن الدبلوماسية النابضة بالإنسانية قادرة على اختراق جدران الحرب.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز