يشكل إنتاج الفوسفات خطرا متزايدا على سكان محافظة قفصة جنوب غربي تونس، نتيجة استهلاكه كميات ضخمة من المياه، ما يهددهم بالعطش، وفق تحذيرات محلية وبيئية.
ويحمّل الأهالي معامل الفوسفات مسؤولية أزمة العطش وتلوّث المياه، داعين السلطات إلى التدخّل العاجل لوضع حد لتفاقم الوضع.
يُعدّ حوض قفصة من أبرز المناطق الجغرافية الغنية بالموارد الطبيعية في وسط تونس، ما يجعله مركزًا رئيسيا لاستخراج الفوسفات. وتتكوّن المنطقة من 4 مراكز أساسية: المتلوي، الرديف، أم العرايس، والمظيلة، ويُعدّ قطاع الفوسفات أحد المحرّكات الرئيسية للصناعة والتصدير في البلاد.
يرى خبراء البيئة في تونس أن إنتاج الفوسفات يستنزف الموارد المائية ويؤدي إلى تدهور جودتها، ما يستدعي تدخّلات عاجلة.
وقال الخبير البيئي كريم بن عمّار إن الفوسفات يُستخدم أساسا في صناعة الأسمدة الزراعية، التي تتطلب كميات هائلة من المياه، ما تسبب في تراجع كبير بالموارد المائية بالمنطقة.
وأوضح في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن شركة فوسفات قفصة تتحمل مسؤولية استنزاف المياه، إذ تستهلك 5000 لتر لغسل طن واحد من الفوسفات، فيما تغسل مغسلة الرديف يوميا ما لا يقل عن 300 ألف طن في الظروف العادية، ما أدى إلى استنزاف كمية كبيرة من المياه.
وأشار إلى أن المياه المستخدمة في غسل الفوسفات غالبا ما تكون صالحة للشرب، مما يفاقم الأزمة، ويزيد من خطر تعرض سكان قفصة للعطش.
وأضاف أن الحكومة التونسية تعتمد على الفوسفات لإنعاش اقتصادها المتعثر، نظرا لاستخدامه في صناعة الأسمدة، والزجاج، والمصابيح الكهربائية، والصلب، والصناعات الحربية، فضلا عن دخوله في تركيب المبيدات والمنظفات.
من جهته، قال الخبير البيئي عادل بن سليمان إن عمليات استخراج الفوسفات تنتج عنها نفايات تحتوي على نسب مرتفعة من المعادن الثقيلة، مثل اليورانيوم، تتسرّب إلى المياه الجوفية.
وأكد لـ”العين الإخبارية” أن صخور الفوسفات التونسية تحتوي على نسب متفاوتة من اليورانيوم، ما يؤدي إلى تلوّث إشعاعي في الموارد المائية.
كما أشار إلى أن تركيزات النترات في مياه قفصة الجوفية تجاوزت أحيانًا الحد المسموح به لمياه الشرب، داعيًا إلى تدخّل عاجل لمعالجة الكارثة البيئية في قفصة.
من جانبه، قال رئيس جمعية قفصة البيئية زياد زروقي، إن المعمل الكيميائي تسبب في العديد من الإصابات بين الأهالي، نتيجة تعكّر المياه، التي أصبحت غير صالحة للشرب.
وأضاف أن “معامل الفوسفات تُخرج كميات هائلة من الأدخنة، وتغطي المحافظة بالسموم”، مشيرًا إلى أن شركة المصفاة لم تقدّم أي حلول، كما لم يُغلق مصبّ النفايات في منطقة سيدي أحمد، رغم مرور سنوات على الوعود الحكومية.
كانت تونس في وقت سابق أحد أكبر منتجي الفوسفات عالميًّا، واحتلت المرتبة الثانية عالميا لفترات، إذ بلغ الإنتاج في عام 2010 نحو 8.2 مليون طن.
لكن الإنتاج تراجع بشدة بعد عام 2011، ليصل إلى 4 ملايين طن فقط في عام 2022، وفق البيانات الرسمية. وقد توقفت عمليات الاستخراج مرارا بسبب الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بالتشغيل، إضافة إلى ضعف الاستجابة الحكومية لتحديات هذا القطاع.
وفي مايو/أيار 2022، استأنفت تونس تصدير الفوسفات بعد 11 عاما من التوقف، إلى أسواق مثل البرازيل، تركيا، باكستان، إندونيسيا، وفرنسا.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز