الإمارات والبرازيل.. محور استراتيجي جديد داخل «بريكس»

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



في ظل التغيرات المتسارعة بالمشهد الاقتصادي والجيوسياسي العالمي، تبرز دولة الإمارات والبرازيل كمحور استراتيجي داخل تكتل «بريكس».

ويرتكز المحور التنافسي على شراكة شاملة تجمع بين الزراعة، والطاقة، والتكنولوجيا، والتجارة، وتدعمها أرقام قوية وتطلعات مشتركة نحو اقتصاد نوعي ومستدام.

وتستضيف البرازيل قمة قادة بريكس في ريو دي جانيرو اليوم وغدا، ومن المتوقع أن تشهد القمة اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن التنمية والتعاون وتحسين الظروف المعيشية في دول “بريكس”، إلى جانب تعزيز العلاقات الدولية وتشجيع التبادلات الثقافية والتجارية والسياحية.

قوة اقتصادية ودبلوماسية

ترسخ دولة الإمارات مكانتها كقوة اقتصادية ودبلوماسية رائدة، تدعم التنمية الشاملة وتواجه التحديات التي يفرضها عالم سريع التغير.

ومع مواصلة دولة الإمارات تعزيز شراكاتها داخل مجموعة بريكس، فإنها تظل ملتزمة في التركيز على تعزيز المبادرات المشتركة التي تنسجم مع رؤية المجموعة نحو تحقيق شمولية ومرونة أكبر في الاقتصاد العالمي.

وتضم مجموعة بريكس في عضويتها كلاً من البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب أفريقيا كأعضاء مؤسسين، وقد توسّعت خلال السنوات الأخيرة لتضم أيضاً كلًا من مصر، وإثيوبيا، وإندونيسيا، وإيران، والإمارات، لتشكل تكتلاً اقتصادياً بارزاً على الساحة الدولية.

وقد انضمت دولة الإمارات إلى المجموعة في عام 2024 في خطوة تعكس رؤيتها الاستراتيجية الهادفة إلى توسيع آفاق علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع مختلف الأسواق العالمية، بما يعزز دورها المحوري في دفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي وتحقيق الازدهار المشترك.

تبادل تجاري زخم ومتصاعد

تعد البرازيل حالياً أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات في أمريكا اللاتينية، وثاني أكبر شريك على مستوى القارتين الأمريكيتين بعد الولايات المتحدة، بينما تُعد دولة الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل في منطقة الشرق الأوسط.

وبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين في عام 2024 نحو 5.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 24.3% مقارنة بـ2023، وفق وكالة أنباء الإمارات (وام).

وتعزز الشراكة التجارية ضمن مجموعة بريكس القدرة على العمل المشترك بنجاح لإيجاد حلول فعّالة وتشكيل دليل واضح على أهمية النهج القائم على التعددية في التجارة العالمية. وتعتبر دولة الإمارات بمثابة جسر يربط بين الشرق والغرب والجنوب العالمي، بما يسهم في تيسير الحوار وبناء الشراكات التي تدعم التنمية الاقتصادية المستدامة والنمو.

الشراكة الاستثمارية المتجددة.. محطة بارزة في مسار العلاقات

تحرص دولة الإمارات والبرازيل على استكشاف توسيع نطاق الفرص الواعدة في القطاعات ذات الأولوية واستشراف آفاق جديدة للاستثمارات المتبادلة، بما يخدم تطلعات البلدين نحو تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة والعمل على تعميق العلاقات الثنائية وتفعيل المبادرات النوعية التي تعود بالنفع على اقتصاد البلدين وشعبيهما.

وتقدّر الاستثمارات الإماراتية المباشرة في البرازيل بنحو 5 مليارات دولار، موزعة على قطاعات متعددة تشمل الطاقة، النقل، البنية التحتية، والعقارات، مع وجود شركات إماراتية كبرى مثل “مبادلة” وموانئ دبي العالمية، وطيران الإمارات، وبنك أبوظبي الأول، والياه سات وغيرها.

وتسعى الدولتان لتعزيز تعاونهما في مختلف القطاعات، التي تشمل الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، لتعزيز فرص التنمية المشتركة.

تعاون طاقوي متعدد المسارات

رغم استمرار أهمية النفط في المعادلة الثنائية، فإن العلاقات الطاقوية تشهد تحوّلًا نحو مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.

تشارك شركات إماراتية مثل “مصدر” و”مبادلة” في مشاريع طاقة شمسية ورياح وهيدروجين في البرازيل، دعمًا لتوجه مشترك نحو التحول الأخضر.

وتستهدف دولة الإمارات إنتاج 15 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول 2050.

ووقع البلدان في يناير/كانون الثاني 2025، مذكرة تفاهم في مجالات تطوير الاستثمارات في مجال الطاقة والتنقيب عن المعادن وغيرهما من المجالات ذات الصلة.

وتهدف مذكرة التفاهم إلى دعم الاستثمارات المتبادلة في مجال استكشاف المعادن وتطويرها ومعالجتها وتسويقها، بالإضافة إلى التعاون في مجالات رئيسة عدة مثل دعم الاستثمار في التكنولوجيا المتطورة، ومنظومة البحث والتطوير، وإعداد القوى العاملة وتأهيل الكفاءات في المجالات التقنية ذات الصلة.

الزراعة والأمن الغذائي.. مصالح متبادلة

وشهدت السنوات الأخيرة تعاونًا متزايدًا في التكنولوجيا الزراعية، وإدارة المياه، والتصنيع الذكي. وقد أطلقت دولة الإمارات والبرازيل مشاريع مشتركة عبر منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، تشمل تطوير مراكز مهارات صناعية وتعزيز نقل التكنولوجيا.

وتركّز المشاريع الثنائية على إدخال تقنيات الزراعة الدقيقة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في مراقبة سلاسل التوريد، بما يعزز الأمن الغذائي والإنتاج الصناعي منخفض الانبعاثات.

وقد توسعت الاستثمارات الإماراتية في الزراعة البرازيلية لتشمل مشاريع الطاقة الزراعية المستدامة، مثل مصفاة الوقود الحيوي في ولاية باهيا، باستثمار يقدّر بـ2.45 مليار دولار.

التقاء في السياسات المناخية

يمثل التنسيق الإماراتي–البرازيلي في ملف المناخ نقطة تقاطع لافتة. فبينما استضافت دولة الإمارات قمة المناخ COP28، تستعد البرازيل لاستضافة COP30 في مدينة بيليم خلال عام 2025 الجاري.

وقد وقّع البلدان على اتفاقيات تعاون بشأن احتجاز الكربون، وتمويل مشاريع الطاقة النظيفة، وتبادل التكنولوجيا الخضراء، ضمن استراتيجية دعم التحول العالمي نحو الحياد المناخي.

وتتجاوز العلاقات بين الإمارات والبرازيل مرحلة التبادل التجاري التقليدي نحو شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد. ويأتي هذا التحول في توقيت يشهد فيه العالم إعادة ترتيب لموازين القوى، حيث تمثل “بريكس+” منصة واعدة لبناء تكتلات اقتصادية وجيوسياسية أكثر توازنًا وشمولًا.

وبينما تتكامل الرؤى حول الطاقة، الزراعة، والتكنولوجيا، فإن فرص التكامل الثنائي مرشحة للتوسّع، مدفوعة بسياسات اقتصادية مرنة، واستثمارات ذكية، وبيئة إقليمية تستجيب لمتطلبات اقتصاد منخفض الكربون.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً