حددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة اليوم، الموافق 4 يوليو 2025، تحت عنوان: “السلام رسالة الإسلام”.
خطبة الجمعة
وأكدت الوزارة، أن الهدف من خطبة الجمعة اليوم، هو نشر السلام وإفشاء قيمه بين المجتمع، علما بأن الخطبة الثانية تتناول الكرم والجود والشهامة والمروءة وإنكار الذات، والعمل في صمت.
نص خطبة الجمعة
وجاء نص خطبة الجمعة كما يلي:
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، هدى أهل طاعته إلى صراطه المستقيم، وعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه القديم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وتاج رؤوسنا وقرة أعيننا وبهجة قلوبنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الإسلام جاء برسالة سمحاء، وشريعة غراء، ود ومحبة، إلف ورحمة، سخاء بالأخلاق، ونشر للخير، ومنع للشر، حياة آمنة مستقرة، إنه مدد الإسلام؛ ولا غرو؛ فإن رسالته هي السلام.
أيها الكرام، تأملوا معي اسم الإسلام، ألم تلاحظوا فيه معنى السلام؟! ثم تأملوا تسمينا باسم المسلمين، إنه ارتباط بالسلام في المسمى والسلوك، دينا ومتدينين، وقد سجل الله جل جلاله ذلك في قوله تعالى: {ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل}.
عباد الله، تدبروا تحية أهل الإسلام فيما بينهم، إنها السلام، يلقيها وينشرها المسلم على من عرف ومن لا يعرف، تأملوا ختام الصلاة: سلام على اليمين وسلام على اليسار، كأننا نبدأ أهل الدنيا من كل نواحيها بالسلام بعد أن فارقوها بخواطرهم لحظات، انصرفوا فيها لمناجاة الملك العلام سبحانه وتعالى، ثم تدبروا كيف نزل القرآن في ليلة كلها سلام تحفه ملائكة السلام، حيث قال سبحانه: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع الفجر}.
أيها النبيل: اعلم أن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، وأن المؤمن الحق هو من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم كما أخبرنا صاحب الجناب المعظم ﷺ، فكن أيها المسلم سلما سلاما، فإن الإسلام تخطى بقضية السلام إلى مساحات أرحب شملت الإنسان والحيوان والجماد وسائر المخلوقات، إنه الإسلام دين السلام للعالمين.
أيها السادة، ألا تعلمون أن رسالة الإسلام إلى الدنيا الحفاظ على الدنيا بخيراتها ومقوماتها وطاقاتها وقدراتها، وأن ندفع عنها شر المفسدين، قال تعالى: {كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين}، وكان الجناب الأعظم رسول السلام ﷺ جامعا لمقالة هي عين السلام وجوهره عندما قال: «لا ضرر ولا ضرار»، انظروا معي «لا ضرر» معناه: أن تزرع السلم والسلام، «ولا ضرار» معناه: أن تسالم من آذاك فلا تضره كما ضرك، ولكن خذ حقك بطريقة سلمية عاقلة، فلا تهور ولا فوضى، ولكن بالسلام تسدى الحقوق، وتوفى الاستحقاقات.
أيها المكرم، لا تنس أن شريعتنا الإسلامية أرست قواعد السلام، وضبطت أحكامها، فكلنا جيران في عالم واحد، وهنا يبرز السلام أيقونة العلاقات الدولية في الإسلام، فنقرأ قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كآفة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}، فنجد أن السلام رحمة وبر وتعايش، وعز وقوة {وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز}.
هذه هي رسالة الإسلام، السلام الشامل والعادل، السلام الذي ينشر الخير، ويتطلع إلى حب الحياة، وإلى البناء والتعمير، رسالة ترفض التطرف والاعتداء، والتخريب والفساد، تقرر أمن الإنسان وبناء شخصيته، السلام في الإسلام منظومة يحركها الشغف بالعمران، يحركها صناعة الحضارة وبناء الإنسان.
نص خطبة الجمعة الثانية
وجاء نص خطبة الجمعة الثانية، كما يلي:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن البذل، والجود، والشهامة، والمروءة، وإنكار الذات، والعمل في صمت معان جليلة تمثلها قيمة التضحية التي تتطلع بالعبد إلى غايات أسمى، حيث تذوب المصلحة الشخصية، وتتألق قيمة بذل النفس والمال والوقت ابتغاء الأجر والثواب على ذلك عند الله عز وجل.
أيها المكرم، اعلم أن التضحية اختبار واختيار صعب، يكلف العبد نفسه وماله وجهده وامتيازاته، وإذا أردت نجاحا في اختبار التضحية مع صعوبته، فتدبر أن الله تعالى هون من شأن الدنيا وزينتها، وعلمنا أن المضحي بالدنيا تنتظره المحاسن، والعقبى الطيبة، وإن شئت فاقرأ معي قول الحق سبحانه وتعالى: {زين للناس حب ٱلشهوٰت من ٱلنسآء وٱلۡبنين وٱلۡقنٰطير ٱلۡمقنطرة من ٱلذهب وٱلۡفضة وٱلۡخيۡل ٱلۡمسومة وٱلۡأنۡعٰم وٱلۡحرۡثۗ ذٰلك متٰع ٱلۡحيوٰة ٱلدنۡياۖ وٱلله عندهۥ حسۡن ٱلۡمـٔاب} إنه ثواب فقه الدنيا وفهم واقعها الذي يدفعك دفعا إلى التضحية.
أيها المصريون، بمثل تضحياتكم فلتفاخر الأمم! وما خبر سقوط طائرة (رأس البر)، وكيف ضحى الطياران بحياتهما خوفا على أرواح المواطنين عنكم ببعيد، وما هو بغريب عنكم خبر السائق الشجاع الذي جاد بنفسه فأبعد سيارته التي انفجرت في مدينة (العاشر من رمضان) عن حياة الناس، وارتقى شهيدا، وأنقذ الناس من حادث مروع.
أيها الكريم، علم أولادك معنى التضحية، اغرس فيهم حب الوطن، وحب الناس، وفعل الخيرات دون مقابل، علمهم أن التضحية مقام الأصفياء، وفعل الأتقياء، وعلامة من علامات الأولياء، بدونها تباد الأمم، وتنهار الحضارات، وتتخلف المجتمعات.
اللهم اجعلنا فداء للأوطان، واحفظ بلادنا من كل سوء.