بمشاركة مصري.. “غزوة الساحل” تثبت أقدام الشرع لحكم سوريا

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


خفت صوت العـنـف في سوريا بعد موجة دامية، خُلع على إثرها نظام بأكمله، ليتذكّر الشعب مـذابح الرئيس السابق بشار الأسد، في صورة لطالما يحاول إحياءها في أذهانهم النظام الجديد برئاسة أحمد الشرع، تبريرًا لقبضته الأمنية، لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر، ودارت التحقيقات الصحفية تنبش خلف جرائم النظام الجديد، التي لا تختلف كثيرًا عن سالفتها.

وأثبت تحقيق تليفزيوني أذاعته منصة “العربي”، الخميس، مسؤولية السلطة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع عن الأحداث الدموية التي شهدتها منطقة الساحل في مارس الماضي وأودت بحياة المئات.

العنف بدعوى الانتماء لفلول النظام

وكشف التحقيق مشاركة إرهابي مصري هارب ومدان في قضايا عنف في مصر يدعى ساجد سيد فايق، في الأحداث، عن طريق أحد الفصائل المسلحة الموالية للنظام السوري الجديد.

ووثق التحقيق عمليات قـتـل عشوائي قام بها نحو 50 ألف شخص ينتمون لقوى الأمن والفصائل المتحالفة معها ضد مواطنين مدنيين، على الطرق وداخل القرى ضد نساء وأطفال ورجال لم يكن لهم أي علاقة بما تسميه السلطة السورية فلول النظام.

هجمات موسعة ضد المدنيين من الطائفة العلوية في الساحل السوري

تنكيل بالنساء والأطفال

ونشر التحقيق شهادات من القرى التي تعرضت للاقتحام، من بينها شهادة سيدة من إحدى قرى اللاذقية أكدت فيها أن المسلحين اقتحموا بلدتها بالسلاح، ودخلوا البنايات نكلوا بالنساء والأطفال وأنزلوا الشباب إلى الشارع وركعوهم ثم أطلقوا عليهم النار، وبعدها ونكلوا بأجسادهم بأن عبروا فوقها بالسيارات، مشيرة إلى أن من الضحايا والدها وأعمامها الثلاثة وابن عمها.

كانت أحداث الساحل قد اشتعلت في السادس من مارس على خلفية الكمين الذي نفذته عناصر تابعة لنظام بشار الأسد وأوقعت فيه العشرات من عناصر الأمن العام والسلطات العسكرية الجديدة بين قتيل وأسير، على إثرها انطلقت حملة من قوى الأمن وفصائل مسلحة قريبة منها لمواجهة هذه العناصر، ورغم نجاحها في ذلك وتحرير عشرات الأسرى في اليوم التالي إلا أن الحملة لم تتوقف وتحولت لتكون ضد العلويين بشكل عام.

هجمات موسعة ضد المدنيين من الطائفة العلوية في الساحل السوري

بداية التمرد وشرارة أحداث الساحل

بدأت الأحداث تشتعل عندما شنّ موالون لبشار الأسد هجومًا ضد قوات النظام الجديد في مناطق الساحل، ما أسفر عن مقـتل وأسر العشرات من قوات الأمن والجيش، لترد الحكومة الجديدة على ذلك مطلقة حملة عسكرية استهدفت مراكز التمرد، والتي سرعان ما تحولت إلى هجمات موسعة ضد المدنيين من الطائفة العلوية.

ووفق الشهادات المحلية، كان المتمردون يقودهم ضباط موالون للأسد، ومعهم شبان فقدوا وظائفهم بعد تفكيك أجهزة الأمن القديمة وفصل آلاف الموظفين العلويين. 

وشهدت مدن مثل بانياس تصعيدًا كبيرًا، إذ استُهدفت الطرق والمستشفيات والمقرات الحكومية من قبل المتمردين، ما نتج عنه سقوط مئات القتلى، وتدمير للبني التحتية ما يجعل الحياة الآدمية بها تكاد تكون مستحيلة.

هجمات موسعة ضد المدنيين من الطائفة العلوية في الساحل السوري

عقوبات على ضباط الأسد

وفي 23 يونيو، أعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على ثلاثة ضباط سوريين سابقين، محمّلاً إياهم مسؤولية قيادة جماعات مسلحة تسببت في تصعيد التوتر الطائفي، والتحريض على العنف في مناطق الساحل.

كما أشار التحقيق إلى أن مناطق علوية بأكملها في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة أصبحت خالية من سكانها، الذين لجأ آلاف منهم إلى القاعدة العسكرية الروسية المجاورة، خشية عودة دوامة العنف، وبحسب التحقيق، فإن عمليات استهداف العلويين لا تزال مستمرة حتى اليوم.

هجمات موسعة ضد المدنيين من الطائفة العلوية في الساحل السوري

“أبو البراء المصري”.. إرهابي في قلب المشهد

ساجد سيد فايق شبل، المعروف بـ”أبو البراء المصري”، يُعد من أبرز الإرهابيين الهاربين من مصر بعد عام 2013، انضم إلى تنظيم “نور الدين زنكي”، والذي بات على ارتباط وثيق بـ”هيئة تحرير الشام” بقيادة أحمد الشرع، وأظهر التحقيق ضلوعه في مجزرة الساحل السوري.

ينحدر “أبو البراء” من بيئة جهادية متطرفة، وهو نجل القيادي الجهادي سيد فايق شبل (أبو يمنى)، الذي قاتل سابقًا في البوسنة وكان مقربًا من منظر الفكر الجهادي المتطرف رفاعي سرور. 

تلقى شبل تعليمه الفكري على أدبيات سيد قطب، وتشرّب أفكار التكفير والعنف قبل أن ينتقل إلى سوريا بعد سقوط الإخوان في مصر، حيث واصل نشاطه ضمن الفصائل الجهادية.

الإرهابي “أبو البراء المصري”

توثيق القتل.. عائلات بأكملها أُبيدت

جمع التحقيق قوائم محلية بأسماء الضحايا، معظمها مكتوب بخط اليد من قبل زعماء القرى أو ذوي القتلى، وتم التحقق منها بمساعدة نشطاء داخل سوريا وخارجها، كما أُجريت مقابلات مع أكثر من 200 من عائلات الضحايا، إلى جانب 40 شخصية من مسؤولي الأمن والمقاتلين والمحليين.

فيما كشفت الوثائق التي اطلع عليها التليفزيون العربي تفاصيل مفجعة، منها مجازر أُبيدت فيها أسر بالكامل، وقتل فيها أطفال ومعاقون ونساء مسنات، وفي بعض القرى، كانت نسبة النساء ضمن الضحايا تتجاوز 18%، وفي حالة مروعة، أخليت بلدة علوية بكاملها بعد أن أبيد معظم سكانها.

وأمام هذا المشهد القاتم، بات من الصعب التمييز بين النظامين، القديم والجديد، حيث أن الانتهاكات التي وثقتها المنصات الإعلامية تؤكد أن مسلسل العنف في سوريا لم يتوقف، بل اتخذ وجوهًا جديدة، لكن بوسائل قديمة ودموية، قد تختلف في بعض الأحيان لكن النتيجة واحدة.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً