العالم يشهد تحوّلًا حضاريًا جديدًا يغيّر ملامح المستقبل

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


سياسة

محمد جلال الريسي


بدأ العالم يشهد تحوّلًا حضاريًا هادئًا لكنه عميق، لم يعد مقتصرًا على انتقال القوة من الغرب إلى الشرق، بل يشمل إعادة تعريف مفهوم “الحضارة” ذاته، من حيث القيم، والابتكار، والإنسان، وأسلوب الحياة.

لم يعد مركز الحضارة محصورًا في العواصم الغربية الكبرى، بل يتجه اليوم نحو عالم متعدد الأقطاب، تشكله قوى صاعدة مثل الصين والهند، ويشارك فيه بفاعلية الخليج العربي، والإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، كلاعب رئيسي في صناعة النموذج الحضاري الجديد.

هذا التحول لا يأتي عبر الحروب أو السيطرة المباشرة كما في الماضي، بل عبر الاقتصاد المعرفي، والذكاء الاصطناعي، والدبلوماسية الثقافية، والإعلام العابر للحدود. وقد انعكس هذا التحول على الإنسان العادي بوضوح؛ إذ أصبح أكثر وعيًا بدوره في العالم، وأكثر قدرة على الوصول إلى المعرفة والمشاركة في النقاش الحضاري العالمي، كما أصبح أكثر حساسية للقضايا الكبرى مثل المناخ، العدالة، والهوية.

دول الخليج، وفي مقدمتها الإمارات، أدركت مبكرًا طبيعة هذا التحول، فتحركت من موقع المتلقي إلى موقع المبادر. فهي اليوم تستثمر في الفضاء، والاقتصاد الرقمي، والتعليم المتقدم، وتستضيف أبرز الأحداث العالمية التي تكرّس نموذجًا حضاريًا قائمًا على التسامح، والانفتاح، والتقدم المتوازن بين الأصالة والحداثة.

إن الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في بناء جسور بين الشرق والغرب، وتقديم سردية إيجابية عن العرب والمسلمين في الإعلام العالمي، يؤكد أن الحضور الحضاري لا يُقاس فقط بالقوة الاقتصادية، بل أيضًا بالقدرة على الإلهام وصناعة الأمل.

في هذا الزمن المتغير، ليس المهم فقط من يقود، بل كيف يقود. والتحول الحضاري الذي نعيشه اليوم هو فرصة لكل الأمم، لا سيما العالم العربي، لإعادة تقديم ذاتها للعالم، ليس كقوة تابعة، بل كشريك حضاري في رسم ملامح المستقبل.

مقالات ذات صلة

الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة

نفاخر بالرحمة قبل القوة



‫0 تعليق

اترك تعليقاً