أثناء تصفّح وسائل التواصل الاجتماعي، وجدتُ معظم المنصات اليوم ممتلئة بمقاطع من زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لقطر، ولقائه بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر.
المقاطع لم تُنشر من وكالات الأخبار ووسائل الإعلام فحسب، بل كانت معظمها منشورة من قبل أهل الإمارات وأهل قطر. وبدقائق من التمرير على منصة “تيك توك”، ستجدون مئات التصاميم، والفيديوهات، والمشاركات التي يُعبّر من خلالها الناس عن المحبة المتبادلة، وما تركه هذا اللقاء من أثر على نفوسهم…
فقد يتساءل البعض، ممن يجهلون طبيعة مجتمع دولة الإمارات، وطبيعة مجتمع دولة قطر: لماذا هذا التفاعل المجتمعي الكبير على لقاء جمع رئيس دولتين؟ هناك مئات الزيارات المتبادلة لرؤساء الدول عالمياً، ولا تجد تفاعلاً مجتمعياً يُذكر… وأعتقد أن هناك عدة أسباب جعلت هذا اللقاء مؤثراً في نفوس أهالينا اليوم:
العلاقة بالقيادة
ما يجهله الكثيرون من حول العالم، أن نموذج القيادة لدينا مختلف تماماً عن النماذج الأخرى من حول العالم. ففي بعض الدول، يحاول فيها الرئيس صرف الملايين على حملات لتقمّص شخصية تبني له شعبية لقاعدته الناخبة، أو حتى محاولة تصوير صورة تُقرّبه من شعبه، ومع ذلك، تجد هناك حواجز كثيرة ومسافات بعيدة بين القائد وعامة الناس في المجتمع، فيرون في الزيارات الرسمية، والخطابات، والقرارات، مجرد خطوات سياسية لا تترك أثراً كبيراً في نفوسهم، ولا تحرّك مشاعرهم في معظم الأحيان…
في حين أن الوضع مختلف تماماً لدينا، في دولة الإمارات. وكذلك، أعتقد أن الأشقاء القطريين سيوافقونني الرأي بالنسبة لتجربتهم… القيادة لدينا قريبة من جميع الناس، هي تُمثلنا بكل جوانب مجتمعنا، تُمثل قيمنا، تُمثل وحدتنا، وتُمثل شعبنا بكل تطلعاته ووقفاته… عندما يزور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان دولة قطر، فكأنما زار شعب الإمارات شعب قطر لما له من مكانة في قلوبهم جميعاً…
فمع خطوات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ستجد مشاعر الإمارات معه… قد تُصوّر العدسات فرداً، إلا أنه في أعيننا يُصوّر أمةً بكل تطلعاتها، ووقفاتها، ومشاعرها، ونجاحاتها، وواجباتها… ولهذا، قد يبدو هذا التفاعل مع هذا اللقاء غير اعتيادي عالمياً، لأن مثل هذه العلاقة بالقيادة غير اعتيادية عالمياً…
الشبه بالمجتمع
كل ما في اللقاء يوم أمس، يُشبه مجتمعنا بكل تفاصيله… صور قريبة من كل بيت، بساطة اللقاء، حرارة الاستقبال، عدم التكلّف… الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يُشبه المجتمع الإماراتي بكل تفاصيله… بمظهره، سيارته تشبه سيارات عدد كبير من المواطنين، لبسه، كلماته، وحتى في جوهره من معانٍ ووقفات، فهي تعتبر بوصلة قيم لنا جميعاً… وستجد كذلك الأمير تميم بن حمد آل ثاني، يُشبه مجتمع قطر بكل تفاصيله، وحتى في اللقاء على مائدة الطعام، يُشبهون ويمثلون مجتمعاتهم بكل شيء…
ولهذا، هذا الحب المتبادل بين أهل البلدين وقيادتهم، لا يفهمه الكثيرون، لأنهم لم يعرفوا بعدُ قرب قياداتنا من شعوبنا، ومن مجتمعنا… ولهذا تجد الكبير والصغير يُعيدون نشر الصور والمقاطع، بشكل طبيعي وليس ممنهجاً أو مدفوعاً، لأنها تُشبههم، وتُعبّر عن حبهم لقيادتهم، وتنقل مشاعرهم…
شعور بالأمان
أثناء ما واجهته المنطقة من اضطرابات مؤخراً، وأزمة شغلت العالم، كنت ألاحظ شعور الطمأنينة في معظم أبناء وطننا… تجدهم يمارسون حياتهم بشكل طبيعي جداً، في حين أن المتابعين من خارج المنطقة كانوا يشعرون أننا نقترب من حرب عالمية ثالثة…
لكن ما اعتدنا عليه في مجتمعنا من الالتفاف حول القيادة، وما تركته جملة “لا تشلون هم” للشيخ محمد بن زايد آل نهيان لكل مقيم على أرض دولتنا، ترك أثراً كبيراً في نفوسنا جميعاً… إننا – والحمد لله – ننعم بأمن وأمان بحفظه ورعايته، وقد أنعم الله علينا بقيادة تعمل وتواصل الليل بالنهار لرفعتنا، وللحفاظ على أمننا…
وخاصة بعد ما تعرّضت له دولة قطر، كانت لزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الأثر الكبير في التعبير عن وقفتنا، وتضامننا، ومصلحتنا المشتركة…
مكانة الشيخ حمدان بن محمد في القلوب
ستجد الأبيات الشعرية التي نشرها الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم منتشرة بكثرة بين القطريين والإماراتيين… فهم يعرفونه منذ سنوات، شاعراً، وقائداً، ومؤثراً… أنعم الله على الشيخ حمدان بالقبول، فستجده احتل مكانة في قلوب أبناء مختلف المجتمعات، وستجد محبيه في الشرق والغرب…
بل، بتصفّح سريع على وسائل التواصل الاجتماعي، ستجد آلاف الحسابات بمختلف اللغات التي تتابع صوره، ونشاطاته، ومشاركاته، وكلها اجتهادات من محبّيه من حول العالم، لأنه قائد قريب من الناس… أحبّه الناس، وتفاعلوا معه، واحتل مكانة في القلوب، لا تُشترى مهما خصّصت لها من ميزانيات…
الجار للجار
تستطيع أن تعرف معلومة مهمة جداً من التفاعل المجتمعي مع مثل هذه اللقاءات: أن منصة “إكس” لا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن المجتمعات الخليجية… هناك، في “إكس”، تجد نقاشات وجدالات غريبة عجيبة، وأصواتاً تحاول جذب الانتباه بشكل غريب… تجد مهاترات، وإساءات، وأشكالاً من الرخص في الحوار غريبة علينا، ولا تُشبهنا بأي شكل من الأشكال، وبلا تعميم بالطبع، فهناك حسابات تستحق المتابعة بلا شك…
أبناء دول الخليج نشأوا على حب أوطانهم، وعلى حب دول الخليج من حولهم… بينهم نسب، وثقافة مشتركة، وعادات متشابهة، ووقفات لا تُنسى… لهذا، ستجد المنصات امتلأت بمشاهد تُعبّر عما في قلوبهم من محبة… وعن وقفة الجار مع الجار…
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة