رغم الاعتقاد السائد بأن الثروة هي مفتاح الطمأنينة والراحة النفسية، فإن دراسة أسترالية حديثة خلصت إلى نتيجة مغايرة تمامًا، إذ إن السعادة الحقيقية لا ترتبط بحجم الدخل، بل بقدرتك على إدارته.
وبحسب الدراسة التي نشرتها “نيويورك بوست”، والتي استمرت لأكثر من عقدين وشملت تحليل بيانات أكثر من 20 ألف شخص، فإن الانضباط المالي اليومي مثل الادخار المنتظم، وسداد الفواتير في مواعيدها، يساهم بشكل مباشر في تحسين الصحة النفسية، وأحيانًا أكثر من امتلاك راتب مرتفع.
السيطرة على النفقات
وبحسب نتائج الدراسة، فإن من يتمتع بعادات مالية مستقرة حتى وإن كان دخله محدودًا، يكون أكثر رضا عن حياته، ويعاني مستويات أقل من القلق مقارنة بمن يمتلكون نفس الدخل ولكن يفتقدون الانضباط المالي.
ويقول الباحثون إن هذا النمط من التفكير والإنفاق، وإن بدا بسيطًا، يقلل من “الضغوط المالية الخفية”، وهي تلك المشاعر القلقة الناتجة عن عدم التيقن من القدرة على سداد الالتزامات المالية المفاجئة، أو مواجهة أي طارئ دون اللجوء إلى الاقتراض.
الادخار يطيل العمر العقلي
المثير في نتائج الدراسة أنها ثابتة حتى خلال الأزمات الكبرى، مثل الأزمة المالية العالمية عام 2008 أو جائحة كورونا، حين تتعرض المجتمعات لضغوط اقتصادية واسعة النطاق، فحتى في تلك الأوقات، أظهرت البيانات أن الأشخاص الذين واصلوا ادخار مبالغ صغيرة، وتجنبوا الفوضى المالية، كانوا أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط النفسية من غيرهم، مما يؤكد أن العادات المالية البسيطة يمكن أن تكون درعًا نفسيًا فعالًا في مواجهة القلق.
الرجال أكثر استفادة
ورغم أن كلا الجنسين استفادا من العادات المالية الجيدة، فإن الدراسة أشارت إلى أن تأثير الادخار على الصحة النفسية كان أوضح عند الرجال، كما فند الباحثون فرضية أن الأشخاص الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة هم من يملكون قدرة أعلى على ضبط أمورهم المالية، مؤكدين أن العكس هو الصحيح: العادات المالية الجيدة تساهم في تحسين الصحة النفسية، وليس العكس.