تحمل الجذور العميقة للنباتات أحد أسرار الحياة على سطح الأرض، وفقا لما كشفه علماء النباتات.
تقوم النباتات بعملية البناء الضوئي بصمت، وعلى الرغم من أنها عملية معقدة للغاية -رغم أنّ معادلتها الكيميائية قد تبدو بسيطة- فإنها أحد أسرار الحياة على سطح الأرض، وتوفر الأكسجين والغذاء للأنواع الحية المختلفة، بل وتتحكم في النظام المناخي العالمي؛ إذ تلعب دورًا حيويًا في دورة الكربون، ويمكنها عزل كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ما يقلل من حدة الاحتباس الحراري الذي يعاني منه العالم اليوم.
ويكشف علماء النباتات الستار كل يوم عن قدرات هائلة لتلك النباتات التي تعمل في صمت لحفظ الحياة على سطح كوكبنا.
وفي هذا الصدد، أرادت مجموعة بحثية من جامعة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية دراسة دور الجذور في تخزين الكربون في أعماق التربة، وخرجوا بنتائج مذهلة نشروها في دورية “نيتشر كوميونيكاشنز” (Nature Communications) في 17 يونيو/حزيران 2025.
نحو الأعماق
في أعماق التربة، تتوافر المواد الغذائية التي تساعد النباتات على النمو والحياة، وتحصل عليها النباتات عبر الجذور العميقة.
وكان من المعروف أنّ لكل نبات مجموعة من الجذور، لكن اكتشف العلماء وجود مجموعة ثانية من الجذور لبعض أنواع النباتات على عمق أكبر بكثير مما كان متوقعًا تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من متر واحد، ومن خلال تلك الجذور يحصل النبات على غذاء من مخازن المغذيات الخفية، وربما تخزن الكربون تحت الأرض، ما يخفف من وطأة الاحتباس الحراري ومكافحة تغير المناخ.
وهذا يعني أنّ أنظمة التجذير ثنائية النمط تلك تلعب دورًا فعّالًا في استقرار النظم البيئية. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ أنظمة التجذير ثنائية النمط يُشير إلى النباتات التي تطور نظامين جذريين مختلفين للوصول إلى الموارد المتنوعة في التربة.
دراسة
حصل الباحثون على بيانات التربة العميقة من “شبكة المرصد البيئي الوطني” (NEON)، وتستند قاعدة البيانات هذه على عينات تم جمعها من تربة على عمق 6.5 قدم تحت سطح الأرض، وهذا العمق أعمق من الذي تستند عليه الدراسات البيئية التقليدية التي تعتمد في أغلب الأحيان على عمق متر واحد فقط. ومن خلال ذلك، استطاع الباحثون اكتشاف أنماط جذرية إضافية تمتد عبر مناطق مناخية متنوعة.
خلص الباحثون إلى أنّ ما يقرب من 20% من النظم البيئية المدروسة، قد طورت طبقة ثانية أعمق من الجذور على عمق يزيد عن المتر تحت سطح الأرض، وهذا يعني أنّ النباتات قد نمت بطرائق لم تكن معروفة من قبل، واتخذت هذه الاستراتيجية كوسيلة للحصول على المزيد من الموارد الإضافية.
ويرى الباحثون أنّ أصحاب القرار وصناع السياسات والعلماء بحاجة للبحث في أعماق التربة بصورة مكثفة خلال الفترات القادمة؛ فقد تحمل أسرارًا وخفايا لم نعرفها من قبل، وتُرشدنا لمعرفة كيف يمكن للنباتات أن تخفف من آثار التغيرات المناخية.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز