غرق طالب في نهر النيل بالصف.. فاجعة صيفية جديدة تفتح ملف ضحايا العوم العشوائي

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في مشهد حزين تكرر كثيرًا مع بداية فصل الصيف، لقي طالب مصرعه غرقًا في نهر النيل بمنطقة الصف التابعة لمحافظة الجيزة، وذلك بعد نزوله إلى المياه دون إجادة السباحة، في وقت ترتفع فيه معدلات الغرق بالمجاري المائية نتيجة غياب الرقابة وتجاهل التحذيرات الرسمية.

تفاصيل البلاغ.. وبدء التحقيقات

البداية كانت مع ورود بلاغ إلى مديرية أمن الجيزة يفيد بغرق شاب في مياه نهر النيل أمام إحدى قرى مركز الصف. فور الإبلاغ، تحركت وحدة الإنقاذ النهري إلى الموقع، بالتنسيق مع مركز شرطة الصف، وتمكن رجال الإنقاذ من انتشال الجثمان بعد عمليات تمشيط استمرت قرابة الساعة.

وتم نقل الجثمان إلى ثلاجة حفظ الموتى بالمستشفى العام تحت تصرف النيابة العامة، التي بدأت على الفور التحقيق في الواقعة، مع سؤال شهود العيان وأسرة الضحية، وتحرير محضر رسمي يحمل كافة ملابسات الحادث.

الضحية.. طالب في مقتبل العمر

أوضحت التحريات الأولية أن الغريق طالب يبلغ من العمر نحو 17 عامًا، وكان قد توجه في نزهة نيلية بصحبة عدد من أصدقائه، وأثناء محاولته السباحة ابتعد عن الشاطئ دون أن يكون لديه خبرة كافية بالعوم، فغاص في المياه واختفى عن الأنظار.

شهود العيان أكدوا أن محاولات أصدقائه لإنقاذه باءت بالفشل، إذ لم يكن هناك قارب قريب أو منقذ في الجوار، ما دفعهم للاستغاثة بالأجهزة الأمنية التي حضرت على الفور.

الإنقاذ النهري.. سباق مع الزمن

رجال الإنقاذ النهري التابعون للإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة نجحوا في انتشال جثة الطالب من المياه باستخدام القوارب المجهزة وأدوات الغوص، وقد تم تسليم الجثة إلى سيارة الإسعاف التي تولت نقلها إلى المستشفى.

وأفادت مصادر طبية أن المعاينة المبدئية للجثمان لم تكشف عن وجود شبهة جنائية، وأن سبب الوفاة هو “الاختناق الغرقي”، ما يعني أن الوفاة ناتجة عن دخول كميات كبيرة من المياه إلى الرئتين نتيجة الغرق.

النيابة تحقق.. والطب الشرعي يفصل

النيابة العامة أمرت بانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثمان وبيان سبب الوفاة بدقة، كما طلبت تحريات المباحث حول الواقعة، واستدعاء أصدقاء الضحية للاستماع إلى أقوالهم، خاصة مع تضارب روايات بعض الحاضرين بشأن مكان الغرق والتوقيت الدقيق للحادث.

كما طلبت النيابة فحص موقع الحادث والتأكد من خلوه من أي مخالفات قد تكون ساهمت في وقوع المأساة.

صيف الدم في النيل.. ظاهرة متكررة

حادثة غرق الطالب بالصف ليست الأولى من نوعها هذا الصيف، فمع ارتفاع درجات الحرارة، تتزايد معدلات النزول العشوائي إلى مياه النيل والترع والمصارف، خاصة بين الأطفال والشباب، في ظل غياب أماكن آمنة للسباحة أو متنزهات مناسبة.

ففي يونيو وحده، تم تسجيل ما لا يقل عن 15 حالة غرق في محافظات الجيزة، القليوبية، المنوفية، الفيوم، وأسيوط، حسب بيانات غير رسمية، كلها وقعت في نهر النيل أو الترع الرئيسية.

أين التحذيرات الرسمية؟

على الرغم من تحذيرات وزارة الري والموارد المائية المستمرة من النزول إلى النيل في المناطق غير المخصصة للسباحة، إلا أن غياب اللافتات التحذيرية، ونقص التوعية، وتجاهل الأسر لمخاطر النزول العشوائي، يظل سببًا مباشرًا وراء هذه الحوادث المتكررة.

مصدر أمني أكد في تصريحات خاصة لـ “النبأ ” أن الأجهزة الأمنية تقوم بدور رقابي على المجاري المائية، ولكن التحدي الأكبر هو أن معظم حالات الغرق تحدث فجأة وبمناطق بعيدة عن التمركزات الأمنية أو أماكن الإنقاذ.

من المسؤول؟.. دعوات للمحاسبة والرقابة

يثير الحادث مجددًا تساؤلات حول دور الأجهزة المحلية في تأمين المجاري المائية، وإنشاء نقاط إنقاذ ثابتة، وتكثيف التوعية بين طلاب المدارس وأولياء الأمور، خاصة في المناطق الريفية.

نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي طالبوا بتشديد الرقابة على الأماكن المفتوحة على النيل، وفرض غرامات على من ينزلون دون إذن أو إشراف، مؤكدين أن “كل صيف يمر نحزن على ضحايا جدد، وكأن الدرس لا يُستوعب”.

النهاية الحزينة.. جنازة في صمت

في اليوم التالي، شيّعت أسرة الطالب جنازته في مسقط رأسه بالصف في جنازة غلب عليها الحزن والدموع. والد الضحية أكد في كلمات مقتضبة: “كان رايح يفرح مع أصحابه.. ورجع لينا ملفوف في كفن”.

رحل الشاب تاركًا خلفه حزنًا كبيرًا في قريته، ورسالة مؤلمة بأن لحظة لهو قد تنتهي بكارثة، إذا لم تكن هناك توعية حقيقية ووسائل حماية فاعلة.

 





‫0 تعليق

اترك تعليقاً