أزمة في “مركز هرمل”.. مرضى الأورام يعانون رغم العلاج على نفقة الدولة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


شهد مركز “أورام هرمل” بوسط القاهرة، وقفة احتجاجية قبل نحو أسبوع، نظمها عدد من مرضى الأورام المترددين على المركز، اعتراضًا على توقف صرف العلاج وتأخير تجديد قرارات علاجهم على نفقة الدولة، ويبدو أن الأزمة لا تزال مستمرة.

هذه الأزمة بدأت تتضح معالمها بعد نحو ثلاثة أشهر من نقل تبعية المركز من وزارة الصحة إلى شركة “إليفيت برايفت أكويتي” الخاصة بالتعاون مع معهد “جوستاف روسيه” الفرنسي.

ويواجه مرضى العلاج على نفقة الدولة مشكلات تتعلّق بعدم تجديد قرارات علاجهم لحالات السرطان، ما أدى إلى احتجاجهم ومطالباتهم بعودة إدارة المركز إلى وزارة الصحة. 

الوقفة الاحتجاجية للمرضى

المرضى المحتجون، الذين تجمعوا داخل المستشفى يوم 16 يونيو الجاري، أعربوا عن استيائهم الشديد من الإجراءات الجديدة التي عطلت حصولهم على العلاج، مؤكدين أنهم اضطروا خلال الأسابيع الماضية إلى شراء الأدوية من الخارج على نفقتهم الخاصة، بعدما توقفت صيدلية المركز عن صرف الأدوية المقررة لهم.

نشتري العلاج على نفقتنا

من بين هؤلاء المرضى المتضررين، السيدة “هـ.ي”، التي قالت لـ”تليجراف مصر”، إنها كانت تتلقى علاجها بانتظام في المركز، قبل أن تبدأ معاناتها مع تأجيل المواعيد وتعطل صرف الجرعات. وتابعت: “كل يوم مشكلة.. بقالنا شهر في دوامة. الزحمة بقت خانقة، وفي ناس بتصرخ من التعب ومش لاقيين حد يسمعهم”.

وأضافت: “بقينا بنشتري العلاج من بره على حسابنا.. فيه ناس مش معاها، وفيه ناس بتبطل علاج عشان مش قادرة تدفع”.

فيما قالت مريضة أخرى تدعى “ر.ن.” إنها كانت تستعد للخضوع لعملية جراحية ضمن خطة علاجها، إلا أنها فوجئت بإبلاغها بتأجيل العملية إلى أجل غير مسمى، مضيفة: “قالوا لي شوفي مكان تاني… بس أنا مش همشي من المركز اللي بتعالج فيه من سنين. هحوش فلوس وأروح لهم بسرعة”.

رفض ختم التقارير الطبية

أحد أبرز مظاهر الأزمة، وفقًا لشكاوى المرضى، هو امتناع إدارة المركز الجديدة عن ختم تقاريرهم الطبية المطلوبة لتجديد قرارات العلاج على نفقة الدولة، بحجة عدم تحديث الأختام الرسمية باسم الكيان الجديد، ما تسبب في رفض الجهات المختصة لطلبات تجديد القرارات.

وطالبت إدارة المركز المرضى بإعادة إصدار قرارات العلاج من البداية، وهو ما وصفه البعض بأنه “تعطيل ممنهج للخدمة الطبية المجانية التي ينص عليها القانون”.

وعلمت “تليجراف مصر” من مصدر بهيئة التأمين الصحي أن هناك لقاءات ومشاورات تمت بين الإدارة الجديدة للمركز والتأمين الصحي فرع القاهرة الأسبوع الماضي، لبحث آليات تحويل مرضى من منتفعي التأمين الصحي إلى المركز. 

من جانبه، قال المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، إن مركز هرمل بعد وصول الإدارة الجديدة توقف عن استقبال حالات جديدة من الأطفال المصابين بالسرطان، من مرضى التأمين الصحي أو نفقة الدولة، كون المركز يمر بمرحلة جديدة تقضي بإعادة هيكلة إدارية وفنية، موضحًا أن المرضى أرسلوا فيديوهات للنيابة العامة بخصوص استيائهم من إدارة المركز، وكذلك شكاوى إلى هيئة الرقابة الإدارية.

وأكد فؤاد أن المرضى تفاجأوا الأسبوع الماضي، بإدخالهم إلى المركز على دفعات، ففي كل مرة يُسمح بدخول 50 مريضًا، ما أدى إلى تكدس نحو 500 شخص من المرضى ومرافقيهم خارج المركز لعدة ساعات.

وتابع: بعض الحالات قيل لهم اذهبوا إلى معهد الأورام أو مستشفى سرطان الأطفال 57357، والمرضى لاحظوا أسلوب معاملة سيئ في المركز بعد انتقال إدارتها للقطاع الخاص، كي تنخفض أعداد حالات العلاج على نفقة الدولة في المركز، ويفسحون المجال أمام الحالات الجديدة التي ستتلقى العلاج في القسم الاقتصادي وفقًا لأسعار جديدة تحددها الشركة التي تدير المركز.

عقد الشراكة ومسؤولية التنفيذ

تعود جذور الأزمة إلى فبراير الماضي، حينما وقعت وزارة الصحة والسكان عقد شراكة مع مجموعة “جوستاف روسيه” الدولية الفرنسية، لتطوير وتشغيل مركز دار السلام للأورام، في إطار تطبيق قانون تنظيم التزام المرافق العامة بإنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، المعروف إعلاميًا بـ”قانون تأجير المستشفيات الحكومية”.

وينص العقد الموقع بين الجانبين على التزام الإدارة الجديدة بتقديم الخدمات العلاجية المجانية لمرضى التأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة، بما لا يقل عن 70% من إجمالي الطاقة الاستيعابية للمركز.

كما ينص الاتفاق على حصول وزارة الصحة على نسبة 3% من إيرادات المركز خلال السنوات الثلاث الأولى بحد أدنى 15 مليون جنيه سنويًا، على أن ترتفع هذه النسبة تدريجيًا بداية من العام الرابع.

اتهامات بعدم الالتزام

ورغم البنود الواضحة في العقد، يشكو المرضى من تجاهل الإدارة الجديدة لهذه الالتزامات، ورفضها استقبال الحالات التابعة لنظامي التأمين الصحي ونفقة الدولة، وهو ما اعتبروه “إهدارًا لحقهم في العلاج المجاني”، و”تجاوزًا صريحًا لبنود التعاقد المبرم مع الدولة”.

وفي الوقت الذي لم تصدر وزارة الصحة تعليقًا رسميًا حتى الآن، يطالب المرضى بتدخل عاجل من الجهات المختصة لضمان حصولهم على العلاج دون تأخير، ومحاسبة المسؤولين عن تعطل الخدمة، خاصة أن الأمر يتعلق بمرضى حالات حرجة لا يحتملون التأجيل.

كانت شركة “إليفيت برايفت أكويتي” تسلّمت مسؤولية إدارة مركز “هرمل” عقب توقيع عقد الشراكة، فبراير الماضي، بين الحكومة المصرية، بالشراكة مع المعهد، بهدف تطوير المستشفى وتشغيله وتحويله إلى مركز دولي تابع للمعهد الفرنسي لعلاج الأورام في مصر. وجاءت هذه الخطوة في إطار تطبيق قانون “تأجير المستشفيات الحكومية”، الذي أُقر في يونيو 2024، ويتيح منح التزام إنشاء وإدارة وتشغيل وتطوير المرافق الصحية العامة للجهات الخاصة.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً