المدافع الواعد ظهر بأسوأ صورة ممكنة مع المدرب الجديد تشابي ألونسو في كأس العالم للأندية
كان راؤول أسينسيو، المدافع الشاب البالغ من العمر 22 عامًا، يُنظر إليه كجوهرة نادرة خرجت من أكاديمية “لا فابريكا” الشهيرة لريال مدريد، لدرجة أنه أُطلق عليه لقب “راموس الجديد”، في إشارة إلى أسطورة النادي سيرجيو راموس، بفضل قوته الدفاعية، وذكائه في التمركز، وشخصيته القوية على أرض الملعب.
لكن، في غضون أيام قليلة خلال كأس العالم للأندية 2025، تحولت الأحلام الكبيرة إلى كابوس حقيقي للمدافع القادم من جزر الكناري، حيث وجد نفسه في مرمى الانتقادات بعد سلسلة من الأخطاء الكارثية التي هددت مكانته في الفريق الأول.
بداية واعدة تحولت إلى كابوس
بدأت قصة أسينسيو مع الفريق الأول لريال مدريد كاستجابة لأزمة إصابات ضربت خط الدفاع في الموسم الماضي تحت قيادة المدرب السابق كارلو أنشيلوتي.
ومع غياب أسماء كبيرة مثل إيدير ميليتاو، وداني كارفاخال، ودافيد ألابا، أتيحت الفرصة للشاب أسينسيو لإثبات نفسه، وقد أظهر بالفعل ومضات من الإمكانات، حيث أشاد به أنشيلوتي لنضجه وهدوئه، وهي صفات نادرة للاعب في سنه.
حتى أن لويس دي لا فوينتي، مدرب المنتخب الإسباني، استدعاه لمعسكر المنتخب في مارس/ آذار، مما عزز من آمال الجماهير في أن يكون أسينسيو هو المستقبل الدفاعي للريال.
ومع ذلك، بدأت الأمور تأخذ منعطفًا مختلفًا منذ وصول المدرب الجديد تشابي ألونسو إلى دكة القيادة، وتحولت كأس العالم للأندية، التي كان من المفترض أن تكون منصة لتألق أسينسيو، إلى كابوس.
وتسبب أسينسيو في المباراة الافتتاحية ضد الهلال السعودي، في ركلة جزاء بعد إمساكه بمهاجم الهلال ماركوس ليوناردو في لعبة لم تشكل خطرًا كبيرًا.
وقرر ألونسو استبداله بين الشوطين، وهو قرار عكس عدم الثقة في قدرات المدافع الشاب في تلك اللحظة، لكن الأسوأ كان قادمًا.
في مباراة باتشوكا المكسيكي، تعرض أسينسيو للطرد المباشر في الدقيقة السابعة بعد عرقلته للمهاجم سولومون روندون المنفرد بالمرمى.
هذا الطرد ترك ريال مدريد يلعب بعشرة لاعبين طوال المباراة، مما زاد من الضغط على الفريق وأثار غضب الجماهير والنقاد، ولم يتوانَ الصحفي المعروف خوليو مالدونادو، عن توجيه انتقادات لاذعة، حيث منح أسينسيو تقييمًا صفريًا في تحليله للمباراة.
وقال: “طرد في الدقيقة السابعة بسبب تصرف يمكن تجنبه تمامًا. لا يوجد مبرر، إنه صفر”.
منافسة شرسة
تأتي هذه الأخطاء في وقت حساس للغاية بالنسبة لأسينسيو، فمع عودة روديجر من الإصابة، وتألق الوافد الجديد دين هويسن تحت قيادة ألونسو، وتوقعات بعودة ميليتاو قريبًا، أصبح مركز أسينسيو في التشكيلة الأساسية مهددًا بشكل غير مسبوق.
وقدم هويسن، الذي انضم إلى ريال مدريد كجزء من خطة تعزيز الدفاع، أداءً مثيرًا للإعجاب في مبارياته الأولى، مما زاد من الضغط على أسينسيو.
وكما ذكر تقرير في صحيفة “ماركا”، فإن ألونسو يضع عينه على مدافع فالنسيا الشاب كريستيان موسكيرا، الذي ينتهي عقده في 2026، كتعزيز محتمل لخط الدفاع، مما يعني أن المنافسة ستشتد أكثر.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن فلورنتينو بيريز، رئيس النادي، يراهن على مواهب شابة أخرى مثل خوان مارتينيز، المدافع البالغ من العمر 17 عامًا، والذي يُنظر إليه كـ”راموس آخر” بفضل طوله الفارع (1.90 متر) ومهاراته الدفاعية.
وعلى الرغم من إصابة مارتينيز بقطع في الرباط الصليبي في أغسطس/ آب 2024، إلا أن عودته الوشيكة إلى الملاعب تضيف طبقة أخرى من الضغط على أسينسيو.
هل يمكن لأسينسيو استعادة بريقه؟
رغم هذه الانتكاسات، لا يزال أسينسيو يمتلك الوقت والإمكانيات والموهبة لتغيير مسار قصته مع ريال مدريد.
ويمتد عقد أسينسيو الحالي يمتد حتى منتصف 2026، وهناك اهتمام من أندية أوروبية كبرى بضمه، لكن إدارة ريال مدريد مصممة على الاحتفاظ به كجزء من المشروع طويل الأمد.
وأشارت تقارير صحفية أن النادي الإسباني قد حسم تجديد عقده حتى صيف 2031، مع إضافة شرط جزائي إلى العقد بقيمة مليار يورو.
وتكشف تصريحات أسينسيو نفسه عن طموحه، حيث أشار إلى إعجابه بأساطير مثل سيرجيو راموس وكارليس بويول، مؤكدًا أنه يحاول التعلم منهما لتطوير أسلوبه.
Getty Images
ومع ذلك، فإن الأيام القادمة ستكون حاسمة، حيث تحيط الشكوك بأن سبب تراجع أسينسيو يعود لمشكلة ذهنية تتعلق بقضيته المفتوحة أمام القضاء الإسباني، حيث يواجه عقوبة محتملة بالسجن 5 سنوات، بسبب اتهامات بالاعتداء الجنسي.
ولن يتسامح تشابي ألونسو، المعروف بحنكته التكتيكية وصرامته، مع المزيد من الأخطاء في لحظات حاسمة، وبات أسينسيو تحت مجهر الإعلام والجماهير، وهو ما قد يؤثر على ثقته بنفسه.
كما أن الضغط النفسي الناتج عن اللعب في نادٍ بحجم ريال مدريد يمكن أن يكون عبئًا ثقيلًا على لاعب شاب.
الطريق إلى الأمام
لكي يستعيد أسينسيو مكانته، سيكون عليه التركيز على تحسين اتخاذ القرار في اللحظات الحرجة، وهي النقطة التي كلفته الكثير في كأس العالم للأندية.
ويجب أن يعود الانضباط الدفاعي، الذي كان سمة مميزة له في بداياته، إلى الواجهة، كما أن العمل الوثيق مع ألونسو، الذي أظهر ثقة مبدئية به، قد يكون مفتاحًا لاستعادة توازنه، فضلا عن ضرورة إنهاء قضيته في المحاكم والتي سببت التشتت الذهني للاعب الشاب.
في النهاية، راؤول أسينسيو يقف الآن في مفترق طرق. هل سيتمكن من تجاوز هذه العثرة وإثبات أنه يستحق لقب “راموس الجديد”؟ أم أن المنافسة الشرسة والأخطاء المكلفة ستدفعه إلى هامش الفريق؟ الإجابة تعتمد على قدرته على التعلم من أخطائه والعودة أقوى.
وفي ريال مدريد، لا يُغفر للأخطاء بسهولة، لكن التاريخ يظهر أن الأبطال الحقيقيين يولدون من لحظات الأزمات، والكرة الآن في ملعب أسينسيو.