في ظل موجة تشريعات متسارعة تجيز استخدام القنب في العديد من الولايات الأمريكية، يُسجل هذا النبات المخدر حضورًا متزايدًا في الحياة الصحية اليومية لفئة كبار السن، وسط تباين في الآراء الطبية حول منافعه ومخاطره.
وبحسب استطلاع أجراه معهد سياسات الرعاية الصحية والابتكار بجامعة ميشيغان، فإن نحو واحد من كل خمسة أميركيين فوق سن الخمسين استخدم القنب خلال العام الماضي، فيما أشار 12% إلى استهلاكه بشكل شهري منتظم، في ظاهرة تعكس تحوّلًا تدريجيًا في النظرة المجتمعية لهذا النبات، الذي لطالما ارتبط بالترفيه وليس بالعلاج.
يقول كثير من المستخدمين المتقدمين في السن إن لجوءهم إلى القنب يرتبط بأسباب صحية متنوعة، أبرزها تخفيف الألم المزمن، تحسين جودة النوم، التقليل من التوتر، وتعزيز الصحة النفسية. ويؤكد الدكتور جيفري كوينلان، أستاذ طب الأسرة في جامعة آيوا، أن هذه الأسباب تنعكس أيضًا في الحالات السريرية التي يراها بشكل متكرر، خاصةً عند كبار السن الذين يعانون من مشكلات النوم أو آلام مزمنة لا تستجيب للعلاجات التقليدية.
التقارير العلمية، مثل تلك الصادرة عن “الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب” في 2017، تشير إلى وجود أدلة موثوقة على فعالية القنب في بعض الحالات، خاصة في علاج الغثيان الناتج عن العلاج الكيميائي، والتشنجات المصاحبة للتصلب المتعدد، واضطرابات النوم المرتبطة بأمراض مزمنة.
ومع ذلك، تؤكد الدكتورة إيرين بونار، أستاذة الطب النفسي بجامعة ميشيغان، أن الجرعة الفعالة ما زالت غير محسومة علميًا، وتختلف بين الأفراد، مما يجعل الاستخدام غير الموجّه محفوفًا بالمخاطر.
رغم ترويج القنب كبديل أكثر أمانًا من المسكنات الأفيونية، إلا أن الأطباء يحذرون من مجموعة من المضاعفات الجسدية والنفسية، التي قد تتفاقم مع التقدم في السن. فالدراسات تشير إلى أن نحو 21% من المستخدمين المنتظمين معرضون لما يُعرف بـ”اضطراب استخدام القنب”، وهو ما قد يقود إلى اعتماد نفسي وسلوكي، وزيادة الجرعات تدريجيًا، وربما اللجوء إلى ممارسات خطرة مثل القيادة تحت تأثير المخدر.
وتشمل المخاطر الصحية المحتملة ارتفاع ضغط الدم وتسارع ضربات القلب، ما يرفع خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية، خاصة لدى المصابين بأمراض قلبية. كما تشير الأبحاث إلى ارتباط محتمل بين القنب والإصابة بـنوبات قلق، اكتئاب، أو حتى ذُهان، لا سيما عند تعاطي جرعات مرتفعة من مادة THC، المركب النشط الرئيسي في النبتة.
رغم الانتشار، كشف الاستطلاع أن 44% من المستخدمين الشهريين لا يُبلغون أطباءهم باستخدامهم للقنب، وهو ما يمثل خطرًا حقيقيًا نظرًا لاحتمالية تفاعله مع أدوية شائعة مثل مضادات التخثر، ومضادات الاكتئاب، والمهدئات. وهنا، يشدد المختصون على ضرورة إدماج القنب في الحوار الطبي، لتفادي المضاعفات أو التداخلات الدوائية.
يحذر الأطباء من استهلاك القنب عن طريق التدخين أو التبخير، لما لذلك من آثار ضارة على الجهاز التنفسي، ويوصون بالبداية بجرعات منخفضة لا تتجاوز 5 ملغ من THC، لا سيما لمن لم يسبق لهم الاستخدام.
وبين الوعود الطبية والتحديات الصحية، يبقى استخدام القنب في المجال العلاجي بحاجة إلى مزيد من البحث والتقنين، لضمان استثمار فوائده المحتملة دون الوقوع في فخ الإدمان أو المضاعفات الجانبية، خاصة بين الفئات العمرية الأكثر هشاشة.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز