بعد ضرب المنشآت النووية.. هل خدعت طهران الاستخبارات الأمريكية؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


نفذت الولايات المتحدة فجر أمس الأحد ضربات جوية مركزة على ثلاث منشآت نووية إيرانية، من بينها “فوردو” التي تقع تحت جبل صخري، وتعد “الملاذ الأخير” لبرنامج إيران النووي، كونها من أكثر المواقع تحصينًا في إيران نظرًا لطبيعة المنطقة الجبلية التي يصعب اختراقها. 

نقل اليورانيوم قبل الاستهداف

لكن المفاجأة لم تكن في الهجوم الأمريكي ذاته بل في إعلان طهران أن اليورانيوم المخصب قد تم نقله قبل الضربة، في خطوة مسبقة أربكت الحسابات الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية.

وحسب ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية، فإن ثلاث قاذفات “شبح” من طراز B-2 نفذت الهجوم على المنشأة الواقعة تحت جبل على عمق يناهز 90 مترًا، باستخدام قنابل خارقة للتحصينات يبلغ وزن الواحدة منها نحو 14 طنًا.

وبعد ساعات من القصف، أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية أن المواد النووية قد تم سحبها من المنشآت قبل الاستهداف، كأنها خطوة تحسُبية للتقليل من الخسائر في البرنامج النووي أو التلوث الإشعاعي.

ونقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن التلفزيون الإيراني تأكيده إخلاء “فوردو” بالكامل من اليورانيوم، كما صرح مسؤول إيراني رفيع المستوى، بأن إيران نقلت اليورانيوم المخصّب من منشآة فوردو، مشيرًا إلى أن طهران قامت بخفض عدد العاملين في المنشأة وأخفت المواد الحسّاسة في موقع لم يُكشف عنه، تحسبًا لأي عمل عسكري.

تحركات غير معتادة بالقرب من فوردو

وكشفت صحيفة “واشنطن بوست”، صور أقمار صناعية تُظهر تحركاتٍ غير معتادة بالقرب من “فوردو” قبل يومين من الضربة، شملت وجود 16 شاحنة نقل ثقيل قرب المنشأة، ما اعتبره محللون مؤشرًا واضحًا على عملية إخلاء سريعة.

من جانبه، يقول وكيل المخابرات العامة الأسبق اللواء محمد رشاد، إن فشل إسرائيل من أن تنال من المفاعلات النووية الإيرانية وعجزها عن تحقيق أهداف الضربات على إيران هو ما دفع ترامب بالتدخل لحفظ ماء وجه إسرائيل في هذه الحرب.

فشل الضربات الأمريكية

وأوضح اللواء محمد رشاد، في تصريحات لـ“تليجراف مصر”، أن عدم تسرب إشعاعات نووية من المحطات المستهدفة، يؤكد فشل الضربات الأمريكية، مؤكدًا أن إيران سوف تستكمل برنامجها النووي، حيث إن الشعب الإيراني يريد أن تصبح إيران دولة نووية لتحقق أمنها وتتساوى موازين القوى في الشرق الأوسط خاصة أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية.

اللواء محمد رشاد
اللواء محمد رشاد

وعن كيفية نقل إيران لمخزون اليورانيوم المخصب من “فوردو”، قال رشاد، إن إيران تستعين بخبراء لكي تنقل اليورانيوم بوضعه في أوعية خاصة مبطنة بالرصاص عالي الجودة حتى تمنع حدوث تسرُّب إشعاعي، ويتم قياس درجة الإشعاع خارج هذه الصناديق.

ويرجح وكيل المخابرات الأسبق أن تستمر إيران في توجيه ضربات صاروخية لإسرائيل خاصة في ظل تحقيق الجيش الإيراني أهدافه بدقة في العمق الإسرائيلي، ومن المتوقع أيضًا أن تنسحب من اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وربما تلجأ لإغلاق مضيق هرمز.

الرسائل السياسية خلف الضربة

فيما يرى الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن الضربة الأمريكية للمنشآت النووية الإيرانية لم تكن مفاجئة، بل جاءت بعد تهديدات سابقة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستخدام القوة إذا رفضت طهران شروط واشنطن بشأن برنامجها النووي.

وأضاف عكاشة في تصريح لـ”تليجراف مصر”، أن واشنطن ربما كانت على علم مسبق بعملية الإخلاء، لكنها اختارت تنفيذ الهجوم لتوجيه رسالة ردع لإيران، مفادها أن البنية النووية الإيرانية ليست بمنأى عن العقاب.

وأضاف عكاشة، أن التحقق من صحة الادعاء الإيراني حول نقل اليورانيوم سيعتمد على نتائج عمليات الرصد الإشعاعي في محيط “فوردو”، قائلًا: “إذا ظهرت مؤشرات على تلوث إشعاعي فذلك يعني أن المواد النووية كانت لا تزال بالموقع وقت الهجوم”.

ورجح عكاشة أن الولايات المتحدة قد تكون سمحت ضمنياً لإيران بإخلاء المواد، بهدف ضرب البنية التحتية النووية، إذ أن إعادة تشغيل منشأة مثل فوردو بعد تدميرها قد يستغرق سنوات، بينما اليورانيوم المخصب خارج المنشآت الرسمية يكون بلا جدوى استراتيجية ما لم يتم تحوله إلى قدرات تسليحية.

وكانت هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، أعلنت الأحد، أنه لا يوجد أي خطر إشعاعي يهدد السكان بعد تعرض 3 مواقع نووية في البلاد لقصف أمريكي. وقالت في بيان لها: “أجرينا الفحوصات اللازمة لاحتمال حدوث تسرُّب تلوث إشعاعي في محيط المواقع المستهدفة، ولا يوجد أي خطر يهدد السكان”.

السيناريو الأخطر

ويرى عكاشة أن القيادة الإيرانية لن ترضخ للمطالب الأمريكية بسهولة، لأن أي تراجع سيشكل ضربة لشرعيتها أمام الداخل الإيراني، محذرًا من أي رد مباشر من طهران على القواعد الأمريكية.

وقال إن مثل هذا التصعيد قد يدفع واشنطن للرد بقوة أكبر تستهدف المنشآت الصناعية والبنية التحتية بالكامل، وربما تؤدي إلى إسقاط النظام وتحويل البلاد إلى ساحة فوضى مفتوحة.

وفيما يخص دور أذرع إيران في المنطقة، يرى عكاشة، أن “حزب الله” تراجعت قدراته العسكرية بنسبة 80%، وأن تدخله الآن قد يدمر لبنان بالكامل، خصوصًا مع وجود حشود إسرائيلية قوامها 300 ألف جندي على حدود جنوب لبنان، ما يجعل اجتياح الجنوب اللبناني سيناريو واردًا، أما الحوثيون، فهم بحسب عكاشة، الأكثر احتمالًا للدخول المباشر في الصراع بجانب طهران.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً