يتوقع مراقبون أن تواجه الصين اضطرابات كبيرة في إمدادات النفط إذا استمر التصعيد بين إسرائيل وإيران.
وتعتمد الصين بشكل كبير على واردات النفط الخام من الشرق الأوسط، التي يمر جزء كبير منها عبر مضيق هرمز -الممر البحري الضيق والحيوي والذي يُعد من أكثر النقاط عرضة للاضطرابات الجيوسياسية.
ووفقا لتقرير نشره موقع “يني شفق” التركي، تُعد الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، مما يجعلها عرضة بشكل خاص لأي اضطرابات في منطقة الخليج.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أنتجت الصين 4.3 مليون برميل من النفط يومياً في عام 2024، لكنها استوردت أكثر من 11.1 مليون برميل يومياً لتلبية احتياجاتها المحلية.
ويُمرّ ما يقرب من 45% من واردات الصين النفطية عبر مضيق هرمز، الذي يربط الخليج العربي ببحر العرب. وقد هددت إيران مرارًا بإغلاقه ردًا على الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت داخل أراضيها.
واردات الصين النفطية
وتعتمد الصين بشكل كبير على النفط القادم من الشرق الأوسط، رغم أن البيانات الرسمية تُبرز روسيا (2.1 مليون برميل يوميًا)، والسعودية (1.5 مليون)، وماليزيا (1.4 مليون) كموردين رئيسيين. إلا أن الحجم الحقيقي للنفط المستورد من دول الخليج أكبر بكثير، إذ تشير التقديرات إلى أن الصين تستورد أكثر من 4.9 مليون برميل يوميًا من دول مثل السعودية، العراق، عمان، الإمارات، الكويت وقطر.
أما إيران، فبرغم غيابها عن السجلات الجمركية الرسمية الصينية بسبب العقوبات الأمريكية، فإنها تظل مزودًا رئيسيًا. وتشير تقديرات شركة “كبلر” المتخصصة في معلومات السلع إلى أن الصين تشتري نحو 90% من صادرات النفط الإيرانية. ويُعتقد أن هذه الواردات تُعالج في مصافي صغيرة مملوكة للقطاع الخاص في إقليم شاندونغ الصيني، بعيدًا عن الشركات النفطية الحكومية الكبرى، مما يسمح لإيران بتجاوز العقوبات.
ولتفادي المراقبة، تستخدم إيران ما يُعرف بـ”أسطول الظل” -ناقلات نفط تُبحر بدون أجهزة إرسال أو وثائق واضحة. وغالبًا ما يُباع هذا النفط للصين بأسعار مخفّضة، وتتم المعاملات غالبًا بعملة اليوان الصيني بدلاً من الدولار الأمريكي، مما يُقيّد قدرة إيران على استخدام العائدات لشراء سلع من خارج الصين.
إلا أن هذه الخصومات لم تعد كما كانت في السابق. فبينما وصل الخصم إلى 11 دولارًا للبرميل في عام 2023، تراجع إلى 4 دولارات في 2024، ثم إلى دولارين فقط حتى الآن في عام 2025. ومع ذلك، يظل النفط الإيراني جذابًا للمصافي الصينية الصغيرة نظرًا لتكلفته المنخفضة مقارنة بالسوق العالمية.
وفي هذا السياق، حذّرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الصادر في يونيو/حزيران 2024 من أن تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران يُشكل تهديدًا خطيرًا لسوق النفط العالمي. وقد استهدفت غارات إسرائيلية منشآت طاقة إيرانية، بما في ذلك حقل “بارس الجنوبي” للغاز ومخزن النفط “شهران” قرب طهران، مما أدى إلى تعطيل جزئي في الإنتاج.
وردًا على ذلك، جددت إيران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز إذا استمرت الهجمات. وتُعد هذه الخطوة كارثية، إذ يُمرّ حوالي 25% من تجارة النفط العالمية عبر هذا المضيق. وأي اضطراب -ولو مؤقت- قد يؤدي إلى صدمة في سلاسل الإمداد وارتفاع حاد في أسعار النفط، خاصة في الأسواق الآسيوية.
وإنتاج إيران من النفط يقدّر بنحو 4.8 مليون برميل يوميًا، فيما تستورد حوالي 2.5 مليون برميل، تشمل 1.7 مليون من النفط الخام و800 ألف برميل من المنتجات المكررة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. وبسبب العقوبات النووية الأمريكية، تقتصر صادرات إيران الرسمية على أسواق محدودة مثل الصين وسوريا وفنزويلا وأفغانستان.
وإذا استمر الصراع بين إسرائيل وإيران في التصعيد، ونفذت إيران تهديداتها بإغلاق المضيق، فإن سوق النفط العالمي قد يتعرض لصدمة شديدة -وستكون الصين، التي تعتمد بشكل كبير على واردات تمر عبر مضيق هرمز، من أكثر الدول تضررًا. ويُبرز هذا الوضع هشاشة أمن الطاقة الصيني في ظل استمرار المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز