ربما تكون نشوة انتصار منتخب البرتغال بلقب دوري الأمم الأوروبية للمرة الثانية في تاريخه، بمشاركة النجم والقائد الأسطوري كريستيانو رونالدو، قد دفعت نجم النصر السعودي إلى التعجيل بإعلان موقفه من البقاء مع فريقه.
وأزال رونالدو الضبابية التي خيمت على مستقبله مع النصر، عندما علّق بتصريح مقتضب أكد فيه استمراره مع “العالمي”، وأنه سيواصل رحلته مع الفريق.
وجاء هذا التأكيد من رونالدو بشأن مصيره، في وقت لا يمر فيه “العالمي” بأفضل فتراته، إذ أنهى الأصفر العاصمي مؤخرًا موسمًا آخر خيّب فيه آمال جماهيره، وابتعد فيه مجددًا عن منصات التتويج، حيث أخفق على الصعيدين المحلي والقاري.
رونالدو، الذي لم يحصد سوى بطولة واحدة مع النصر منذ انضمامه في يناير / كانون الثاني 2023، وهي البطولة العربية للأندية “كأس الملك سلمان للأبطال”، لم تتناسب مسيرته التهديفية المذهلة مع القميص الأصفر مع حجم إنجازات الفريق، إذ حافظ على صدارته لقائمة الهدافين لموسمين متتاليين، دون أن يترجم ذلك إلى بطولات جماعية. بل إن النصر تراجع من الوصافة في الموسم قبل الماضي إلى المركز الثالث في الموسم المنصرم.
مستقبل مُظلم
رهان رونالدو على موسم آخر يأمل خلاله أن يمحو أحزان المحاولات السابقة لتحقيق البطولات مع النصر، قد لا يكون رهانًا رابحًا هذه المرة، بالنظر إلى المعطيات الحالية المحيطة بالنادي السعودي.
فإلى جانب شغفه الدائم بالأهداف وتحطيم الأرقام القياسية، فإن رونالدو لا يقبل أن ينهي مسيرته الكروية الحافلة من دون ألقاب، حتى وإن عوّض ذلك بلقب دولي جديد مع البرتغال.
ويمر النصر بظروف صعبة لا تخفى على أحد، فالصراعات الإدارية خرجت إلى العلن، بعد قرار تجميد الرئيس التنفيذي ماجد الجمعان، الذي لم يمضِ على تعيينه سوى بضعة أشهر. وقد دفعته الخلافات داخل البيت النصراوي إلى مقاضاة النادي، بسبب البيان الذي أعلن تجميده وفسخ عقده.
على الجانب الآخر، لم يسلم المدير الرياضي، الإسباني فيرناندو هييرو، من الانتقادات الإعلامية والجماهيرية خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب نهاية الموسم لتقييم العمل الفني. إذ إن تأكيدات هييرو بأن الفريق لا يزال في “مرحلة بناء” لم تعد مقنعة، خاصة أن المستقبل القريب لا يشي بعودة مرتقبة إلى الطريق الصحيح.
أما المدرب الإيطالي ستيفانو بيولي، فقد فقد ثقة الجميع، ورغم اتفاقه على تدريب فيورنتينا منذ أسابيع، فإنه لم يرحل حتى الآن، بل إن الأزمة الكبرى تكمن في أن النصر لم يحدد بديله حتى الآن، ليجد الفريق نفسه في دوامة من التكهنات حول هوية المدرب الجديد، في وقت يُفترض فيه أن يبدأ الاستعداد للموسم المقبل.
وعلى صعيد التشكيلة، لا يوجد ما يبشّر رونالدو بأن القادم سيكون أفضل، فلم يتخلَّ النادي العاصمي عن العناصر غير المؤثرة، ولم يُجرِ ثورة تصحيح حقيقية في ملف تعاقدات اللاعبين الأجانب، كما كان متوقعًا.
صحيح أن الميركاتو الصيفي لا يزال طويلًا، ولا تزال هناك فرصة للترميم والتصحيح، لكن المؤشرات الأولية وتحركات الإدارة الحالية لا توحي بأن هناك تغييرات جوهرية تلوح في الأفق.
Getty Images
ماذا ينتظر رونالدو؟
رغبة رونالدو في الاستمرار مع النصر، خلافًا لكل التكهنات والتوقعات، ورفضه حتى مجرد تمثيل فريق آخر يشارك في كأس العالم للأندية، قد تُفسَّر على أن النجم البرتغالي يبحث عن الاستقرار أكثر من أي شيء آخر.
فإذا اختار “الدون” العودة إلى أوروبا، قد لا يجد النادي الذي يلبي شروطه المالية والفنية، كما أن النجاح هناك ليس مضمونًا، على عكس ما حققه من تألق فردي مع النصر، والذي رسّخ مكانته داخل الفريق وجعل منه نجمًا لا يمكن تجاهله.
أما الوجهات الأخرى، كالدوري الأمريكي أو أمريكا الجنوبية، فهي تبدو خيارات مستبعدة، لأسباب رياضية، وربما أيضًا لأسباب تتعلق بعائلته واستقراره الشخصي.
بعيدًا عن كل ذلك، فإن كريستيانو رونالدو لم يعد مجرد لاعب كرة قدم، بل أصبح “مؤسسة متحركة”، نجح خلال عامين أو أكثر في السعودية، في أن يكون محط اهتمام كبريات الشركات والمعلنين الذين يتسابقون على التعاقد معه للترويج لمنتجاتهم.
كما أطلق رونالدو قناته الرسمية على موقع “يوتيوب”، والتي تدر عليه دخلًا إضافيًا، وأصبح جزءًا من المجتمع السعودي، يشارك في الفعاليات والمناسبات الكبرى، سواء الرياضية أو غير الرياضية.
وقد أصبح ارتباط رونالدو بالمملكة وثيقًا، حتى إنه بات أحد الوجوه البارزة في ملف الترويج لمونديال 2034 الذي ستستضيفه السعودية.
ورغم أنه من المرجح ألا يكون في الملاعب حينها، فإن مشاريعه الخاصة وربما مستقبله المهني بعد الاعتزال، قد يكون مرتبطًا بالمملكة على المدى البعيد.