مستشفى حلوان العام، هو المستشفى الحكومي الوحيد في جنوب القاهرة الذي يخدم منطقة يتجاوز عدد سكانها 3 ملايين نسمة، تمثل أحياء حلوان والمعصرة والتبين و15 مايو وبعض مناطق القاهرة الكبرى. ورغم ضخامة العدد، فإن قدرة المستشفى الاستيعابية محدودة للغاية، بعدد لا يتجاوز 167 سريرًا فقط.
رعاية مركزة بـ 21 سريرًا.. وحضّانات “بالواسطة”
الرعاية الحرجة تعاني بشكل خاص، حيث لا يتجاوز عدد أسرة الرعاية المركزة 21 سريرًا فقط، وهو رقم هزيل مقارنة بالاحتياج اليومي لحالات الطوارئ والحوادث. أما حضّانات الأطفال، فقد تحولت – حسب شكاوى الأهالي – إلى خدمة “انتقائية” لا تُمنح إلا لمن يملك واسطة قوية أو توصية مباشرة، بينما يضطر باقي الأهالي إلى التوجه للقطاع الخاص بتكاليف باهظة.
تكدّس خانق.. وإدارة بلا رؤية
يتجلى التكدس اليومي في ممرات المستشفى وغرف الاستقبال، حيث ينتظر المرضى بالساعات للدخول على الطبيب أو الحصول على سرير، واللافت أن هذا التكدس ليس ناتجًا فقط عن نقص الإمكانيات، بل عن سوء الإدارة وغياب التخطيط والرقابة، حيث لا توجد آلية واضحة لتوزيع المرضى أو ترشيد الموارد.
نقص تمويل.. وغياب للعدالة الصحية
الميزانية المخصصة للمستشفى لا تتناسب بأي حال مع حجم الضغط السكاني والخدمي، وهو ما ينعكس على نقص الأدوية، وتأخر صيانة الأجهزة الطبية، وتآكل البنية التحتية للمكان. الأمر الذي يجعل من كل زيارة للمستشفى تجربة محفوفة بالمخاطر، سواء على مستوى الخدمة الطبية أو الكرامة الإنسانية.
ساحة مفتوحة للسماسرة والمستغلين
مع غياب الرقابة، أصبحت بعض المرافق داخل المستشفى بيئة خصبة لانتشار السماسرة، الذين يساومون المرضى على مقابل مادي نظير تسهيل دخولهم أو تقديم خدمة طبية عاجلة. ورغم معرفة الأهالي المتكررة بالوقائع، إلا أن الإدارة تكتفي بتجاهل الشكاوى أو التذرع بقلة الموارد.
السؤال المشروع: هل صحة المواطن أولوية؟
المشهد في مستشفى حلوان العام لا يمكن عزله عن مشهد أوسع يتمثل في ضعف الاهتمام بالصحة العامة في مصر، حيث تتوالى الأزمات والقرارات دون رؤية شاملة تضع صحة المواطن في قمة الأولويات.
يبقى السؤال الذي لا يجد إجابة حاسمة: هل تصبح صحة المواطن أولوية حقيقية في سياسات الدولة أم تظل مجرد شعار يُرفع في الخطابات؟