أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجدل منذ اللحظات الأولى للحرب بين إسرائيل وإيران، بتصريحات تعكس تعقيد الأزمة المتصاعدة، والتي أوضحت الكثير من المواقف المتناقضة لديه من التقديرات العسكرية للضربات الإسرائيلية، وصولاً لموقفه من المشاركة في القتال.
من “ضربة قاصمة” إلى “لا يمكن تدمير المنشآت النووية”
ويتضح تضارب تصريحات ترامب في حديثه عن الوضع العسكري، حيث عظم من الضربات التي شنتها إسرائيل على إيران والتي وصفها بأنها “كانت أقوى بعشرات المرات مما كان متوقعًا”.
وأشار ترامب إلى إن إيران تمر بمرحلة ضعف متزايدة، وأن قدراتها الدفاعية تضررت بشدة، مشددًا على أن “إيران تلقت ضربة قاصمة”.
كما تفاخر الرئيس الأمريكي، بإن إسرائيل استخدمت “العتاد الأمريكي العظيم” في ضرباتها الأخيرة على إيران، وأنه لا يعلم كم ستصمد إيران.
وحذر طهران من أن ما ينتظرها سيكون أسوأ بكثير مما تعرفه أو تتوقعه، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تصنع أفضل وأكثر الأسلحة فتكًا في العالم، وبفارق كبير، وأن لدى إسرائيل كميات كبيرة منها، والمزيد في الطريق، والإسرائيليون يعرفون جيدًا كيف يستخدمون تلك الأسلحة.
ورغم التصريحات المفرطة في تعظيم قدرات إسرائيل، اعترف الرئيس الأمريكي بأنه لا يمكن القضاء على كل المنشآت النووية الإيرانية وقد لا يكون ذلك ضروريا أصلا، معتبرًا أن هذه العملية العسكرية قد تسهم في تعزيز فرصه للتوصل إلى اتفاق مع طهران.
مفاوضات أم قتال
وتحدث ترامب منذ بداية الأزمة في العديد من التغريدات عن مفاوضات مع الجانب الإيراني، وشدد على أن إيران لا ترغب في الحديث مع أوروبا، بل مع الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدًا: “سنتحدث مع إيران وسنرى ما الذي يمكن أن يحدث بعد ذلك”.
وكشف ترامب أن الإيرانيين أبدوا رغبة في القدوم إلى البيت الأبيض، مشيرًا إلى أن بلاده تلقت اتصالات من الجانب الإيراني.
وشدد على أنه “كان على إيران الجلوس للتفاوض منذ وقت طويل”، مكررًا دعوته لطهران للعودة إلى طاولة المفاوضات.
ورغم دعواته للتفاوض، وفي تصريح متناقض، أعلن أنه لم يسع لوقف الحرب بين إسرائيل وإيران، معربًا عن أمله بأن يتم القضاء على برنامج إيران النووي دون تدخل أمريكي مباشر في الصراع.
الاستمرار في الحرب وسلامة الإيرانيين
لم يخف ترامب أنه أعطى التوجيهات لإسرائيل لاستمرار الحرب، مبينًا بأنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”الاستمرار”، في إشارة ضمنية إلى استمرار العمليات، بل شدد على أنه أعطى تل أبيب الأسلحة والعتاد الأكثر فتكًا.
لبنما برر دعواته لإخلاء طهران بأنه يريد سلامة الناس هناك، رغم تصريحاته السابقة عن “الأسلحة الفتاكة”.
الانضمام للحرب من “التهديد” لـ”عدم السعي للقتال”
وتعد التصريحات الأكثر ترددًا للإدارة الأمريكية هي ما تتعلق بمشاركة واشنطن في الضربة العسكرية، حيث نشر ترامب تغريدة عبر منصته “تروث سوشيال” قال فيها: “استسلام غير مشروط!” ووجه رسالة مباشرة إلى النظام الإيراني.
واعتبر مراقبون ذلك تصعيدًا خطيرًا، خصوصًا عندما تبعها بتصريح آخر: “نعلم أين يختبئ المرشد الأعلى.. لن نستهدفه، على الأقل الآن.. لكن صبرنا بدأ ينفد”.
كما لوّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية توجيه ضربة عسكرية محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية، وقال ترامب: “ربما أفعلها، وربما لا، لا أحد يعلم ما سأفعله”.
وعاد ترامب مخففًا من حدة تصريحاته تجاه إيران مبينًا إلى أنه لا يسعى للقتال، لكنه أضاف: “إذا كان الخيار هو القتال أو حيازتهم قنبلة نووية، يجب أن أفعل ما يلزم، وربما لا نحتاج إلى القتال”.
وأبدى الرئيس الأمريكي تراجعًا كبيرًا في قراره حول المشاركة في الحرب، واصفًا نشر قوات برية أمريكية لضرب إيران هو “آخر ما ترغبون به”.
مهلة ترامب
كان صراع التوقيت الزمني مفارقة أخرى في خطابات ترامب، حيث ألمح الرئيس الأمريكي إلى تطورات مرتقبة بقوله: “أمر كبير قادم الأسبوع المقبل”، ليعود ترامب مؤكدًا أنه سيمهل إيران أسبوعين كحد أقصى.
وأوضح الرئيس الأمريكي أن “مدة أسبوعين هي الوقت المناسب لرؤية ما إذا كان الإيرانيون سيعودون إلى رشدهم أم لا”، وأنه قد يدعم وقفًا لإطلاق النار حسب ما تسمح به الظروف.
تصدع في الفريق الرئاسي
تعكس تصريحات الرئيس المتضاربة التصدع داخل فريقه الرئاسي وفي تحالف “أمريكا أولاً”، حيث تزايدت الأصوات المعارضة لدعم واشنطن لتل أبيب في هجومها على إيران، ويحث بعض الجمهوريين ترامب على عدم الزج بالبلاد في حرب جديدة بالشرق الأوسط.
ووصل الأمر لحث ستيف بانون، أحد الأصوات المؤثرة في تحالف “أمريكا أولاً”، يوم الأربعاء، على توخي الحذر بشأن انضمام الجيش الأمريكي إلى إسرائيل في محاولة تدمير البرنامج النووي الإيراني