لم يكن صباح الأحد الماضي عاديًا بالنسبة للموسيقار المصري صلاح الشرنوبي، الذي شيع جسد نجله المهندس محمد، إثر أزمة قلبية مفاجئة، وسط صدمة وحزن بالغين، وهو ما أعاد إلى الواجهة سلسلة من الوقائع المأساوية المشابهة، راحت ضحيتها أسماء معروفة في الوسط الفني وخارجه، وكلها اتسمت بكونها مفاجئة، ومرتبطة بأزمة قلبية، وبأعمار صغيرة.
الأزمة القلبية في الوسط الفني
في مايو عام 2023، استيقظ الوسط الفني على خبر رحيل الممثل الشاب مصطفى درويش عن عمر ناهز 43 عامًا، إثر أزمة قلبية مفاجئة داخل شقته بالقاهرة، ولم يكن يعاني أعراضًا مزمنة، فقط قرر الخلود إلى النوم ولم يستيقظ مجددًا، في سيناريو مؤلم تكرر مع فنانين آخرين.
وفي نوفمبر من العام نفسه، رحل الفنان طارق عبد العزيز، أثناء تصوير مشاهده في مسلسل “وبقينا اثنين”، بعد شعوره بإعياء مفاجئ أمام عدسة الكاميرا، حاول زملاؤه إسعافه ونقله إلى المستشفى، لكنه فارق الحياة قبل الوصول.

ولم تقتصر الإصابات بالأزمة القلبية على الوسط الفني، بل امتدت إلى الشباب في الشارع؛ فمنهم من كان يعمل، ومنهم من كان يؤدي صلاته.
اقرأ المزيد: أزمة قلبية أثناء الصلاة.. وفـاة اللواء جمال الخولي مساعد مدير أمن البحر الأحمر
الأزمة القلبية لدى الشباب في مصر
وفي حديث خاص لـ”تليجراف مصر”، علق الدكتور جمال شعبان، استشاري أمراض القلب وعميد معهد القلب السابق، على الأمر قائلًا: “لا توجد إحصاءات دقيقة بشأن الأزمات القلبية بين الشباب في مصر، لكنها حالات فردية بدأت في التزايد، خاصة في الفئة العمرية للشباب”.
وأضاف: “أن زيادة نسب الإصابة بالأزمات القلبية لدى الشباب هي أزمة عالمية تبدأ وفقًا للنسب العلمية عند سن، بينما في مصر تصيب الأزمة القلبية الشباب بداية من سن العشرينيات نتيجة عوامل مختلفة”.
الأسباب المؤدية للإصابة بأزمة قلبية
وأشار شعبان، إلى أن العوامل الوراثية تأتي في مقدمة الأسباب، خاصة في حال وجود تاريخ عائلي من الأزمات القلبية أو الرحيل المفاجئ أو انسداد الشرايين التاجية، لكن، هذا وحده لا يفسر كل شيء.
وأوضح قائلًا: “عوامل الخطورة التقليدية مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكر من النوع الثاني، وارتفاع الدهون الثلاثية أصبحت شائعة بين الشباب، بسبب انتشار الأطعمة السريعة عالية السعرات، والحلويات، وقلة النشاط البدني بين الشباب”.
وتابع : “كذلك التدخين بنوعيه التقليدي والإلكتروني، إضافة إلى تعاطي المخدرات والمنشطات والمكملات غير الآمنة، كلها أسباب رئيسية للإصابة بالأزمات القلبية بين الشباب”.
وأردف شعبان، بأنه لا يمكن تجاهل أثر التوتر، والسهر، والضغوط النفسية والاقتصادية، والإحباطات المتكررة التي تفتك بالقلب ببطء.
تحذيرات مبكرة.. لا تُؤخذ بجدية
رغم أن الكثير من هذه الحالات توصف بالمفاجئة، فقد أكد شعبان، أن الجسم غالبًا ما يرسل إشارات تنذر بالخطر، لكننا لا نُحسن تفسيرها، إذ غالبًا ما تترجم على أنها أعراض نزلات برد ليس أكثر، ومن ضمن هذه الإشارات التي يجب التعامل معها بجدية خاصة حال تكرراها التالي:
- ألم في الصدر.
- تعرق غير مبرر.
- خفقان، ورفرفة في القلب.
- آلام في الكتف الأيسر أو الظهر أو الحنجرة.
- أرق مزمن بلا سبب.

الفحص والوقاية من الأزمة القلبية
وأوصى شعبان، بضرورة تبني فلسفة الوقاية، وليس انتظار ظهور الأعراض حتى نتخذ خطوات الكشف والرعاية، خاصة لدى الشباب الذين لديهم تاريخ عائلي مرضي، مشيرًا إلى أن هذه الفئة يجب أن تبدأ الإجراءات والفحوصات الأساسية بداية من سن العشرين، ومن بين هذه الفحوصات التالي:
- تحليل سكر.
- ونسب الكوليسترول.
- وتحليل الدهون الثلاثية.
- قياس ضغط الدم.
- رسم قلب.
- موجات صوتية للقلب.
- تحليل وظائف الكلى.
- وتحليل البروتين المتفاعل.
كيف نحمي قلوبنا من الأزمات؟
ولأن الوقاية تبدأ من نمط الحياة لذا نصح شعبان بممارسة الرياضة، خاصة المشي، وتناول طعام صحي، وتجنب الوجبات السريعة، والإقلاع عن التدخين، والابتعاد عن المشروبات الغازية والمشروبات المنبهة خاصة في فصل الصيف.
وأكد استشاري أمراض القلب: “في أوقات الموجات الحارة، تزداد نسب الإصابة بالأزمات القلبية، لذا يجب تجنب التعرض المباشر للشمس، خاصة في أوقات الذروة، والحفاظ على رطوبة الجسم بشرب المياه”.
اقرأ المزيد: بعد رحيل مراقب بأزمة قلبية.. تعرف على خطوات إنعاش القلب
وأضاف: “كمل يجب تجنب المجهود البدني الزائد، وارتداء غطاء للرأس في حالة الخروج خلال ساعات النهار، فكلها أمور ضرورية للحماية من الجلطات القلبية التي يزيد خطرها مع فقدان السوائل”.
العصب الحائر
كما نبه إلى أهمية الوعي بأثر العصب الحائر، مشيرًا إلى أن بعض الحالات القلبية قد تثار بسبب إهمال التعامل مع الحر الشديد، والتعرق، أو الوقوف لفترات طويلة في أشعة الشمس دون شرب الماء.
والعصب الحائر هو أطول وأكثر الأعصاب تعقيدًا في جسم الإنسان، والذي يمتد من جذع الدماغ إلى مختلف أنحاء الجسم، بما في ذلك القلب، والرئتين، وتشمل وظائفه تنظيم ضربات القلب وضغط الدم.
ووجه شعبان، رسالة واضحة للأهالي تفيد بمراقبة العادات الصحية للأبناء، خاصة التدخين وتعاطي المخدرات، إذ أنهما من أكبر عوامل الإصابة بالأزمات القلبية في هذه الفئة العمرية، وكذلك حث الأبناء على ممارسة الرياضة، والأكل الصحي.