جماهير النادي الأهلي لا تتقبل الإخفاقات بسهولة، سواء بالخسارة أو حتى التعادل، وربما هذا ما يجعلها قوة دافعة للفريق، وسببًا رئيسًا في كل إنجازاته، رغم المبالغة أحيانًا في ردود الأفعال.
نتابع جميعًا منافسات بطولة كأس العالم للأندية، ولا شك أن نتائج الأهلي جاءت مخيبة للآمال والتوقعات، خصوصًا في ظل التحضيرات والصفقات المهمة التي أجراها النادي باستقدام نخبة من اللاعبين، مثل تريزيجيه، وحمدي فتحي، ومحمد علي بن رمضان، وزيزو، وقبلهم أشرف بن شرقي، ولا يمكن حتى الآن أن نقول إن هؤلاء النجوم قدموا المرجو منهم، وأعتقد أن هناك أسبابًا عدة وراء ذلك، دعونا نناقشها سويًا مع قناعتي التامة أن آرائنا جميعًا تحتمل الصواب والخطأ وسوف أتابع وجهات نظركم قراء “تليجراف مصر” للحديث بشأنها مجدداً!
كوارث إدارية
إدارة الأهلي قدمت أداء سيئًا خلال هذا الموسم لا يقل بأي حال من الأحوال عما قدمه الجهاز والفني واللاعبين، بداية من قرار الانسحاب من مباراة القمة أمام الزمالك، ودخول الفريق في نفق مظلم، وفترة من فقدان البوصلة، أثرت بلا شك على أدائه وتركيز جميع عناصره سواء المدير الفني السويسري مارسيل كولر الذي حقق إنجازات لا تنكر، أو عناصر الفريق.
الإدارة اتخذت قرارًا أسوأ من سابقه بالتخلي عن كولر في توقيت غير مناسب كليًا، فلا هم فسخوا عقده مع تدني النتائج وغياب الروح والتركيز، ولا هم انتظروا حتى يقود الفريق في المنافسة الأهم وهي كاس العالم للأندية، وجميعنا يدرك أن الرجل يخوض هذه التحديات بشكل جيد.
وبمناسبة كولر لدي سؤال أراه مهمًا وضروريًا، وهو كيف لم يحاسب المخطئ على فسخ عقد المدرب السويسري رغم أحقيته بشرط جزائي يكبد النادي مئات الملايين من الجنيهات بما يوازي ذلك من عملة أجنبية يصعب توفيرها؟ وهل من المعقول أن يكون المبرر خطأ في قراءة شروط وأحكام التعاقد، أراها مخالفة تتجاوز كثيرًا كونها سوء تقدير، مرت مثل غيرها دون حساب أو رقيب!!
الخطأ الثالث للإدارة، هو اختيار بديل مجهول، كل إنجازاته أنه فاز على الأهلي مرتين خلال الأدوار التمهيدية في دوري أبطال أفريقيا، وبعيدًا عن إمكاناته الفنية، فإن هذا المدرب الإسباني خوسيه ريبيرو يفتقد من وجهة نظري – التي ليس لها أدنى قيمة على الإطلاق، على طريقة الكابتن مدحت شلبي- أبسط سمات الإنسان العادي، وهي القدرة على التواصل بشكل طبيعي، فيبدو لنا متجردًا من المشاعر، وليس له أي ردود أفعال تجاه ما يحدث على أرض الملعب، فلا يتكلم أو يوجه أو يصرخ أو يمدح، حبيس الدكة وكأنه يعاني من مشاكل حركية!
وبالمناسبة لا أقتنع بأصحاب وجهة نظر أنه لا يزال يتعرف على الفريق، فما قاله بنفسه أنه قضى المباريات الأخيرة التي أدارها الكابتن عماد النحاس يدرس اللاعبين جيدًا ويختار الطريقة الأفضل، كما أنه أظهر فشلًا ذريعًا في إدارة الشوط الثاني في كل مباراة أدارها، وهو بحسب قواعد كرة القدم، شوط المدربين.
أرى أن إدارة الأهلي تخلت عن أحد أهم عناصر فوز الفريق بالدوري المحلي البائس، وهو الكابتن محمد شوقي، فمنذ رحيل الكابتن سيد عبدالحفيظ، لم يأت أحد مثل شوقي، الذي يتمتع بشخصية قوية حازمة، وصرامة، فضلًا عن حس فني واضح.
ولا يمكن أن أنسى حين هب في مباراة الأهلي ضد صنداونز في القاهرة حين استشعر الخطر في الدقائق الأخيرة، ووقف على الخط يحمس اللاعبين وينبههم إلى أخطائهم، حتى أمره كولر بالجلوس، ليخطف صنداونز المباراة في آخر اللحظات ويقضي على آمالنا في الصعود إلى النهائي.
اللاعبون
خلال المباراتين التي لعبهما الأهلي ضد إنتر ميامي الأمريكي وبالميراس البرازيلي في البطولة، بدا وكأن لاعبينا مصابون بانفصام الشخصية، فما يقدمونه خلال الشوط الأول عكس الكوارث التي يرتكبونها في الشوط الثاني، وكأنهم لاعبون آخرون، أو أن مدربهم العبقري يصيبهم بعدوى البرود واللامبالاة بين الشوطين.
هناك نجوم توقعنا منهم الكثير، لكنهم أحبطونا بسلوكياتهم وأدائهم، في مقدمتهم تريزيجيه، وحمدي فتحي ومحمد هاني وآخرون لا أريد أن أقسو عليهم.
وبعد إصابة إمام عاشور في بداية المباراة الأولى، تمنيت أن يخيب ظني في أن غيابه سوى ينعكس سلبًا على الفريق، لكن بكل أسف أثبت أنه هو روح وقلب الفريق، ليس بمجرد أدائه الفني فقط، لكن بفضل إرادته الصلبة وشخصيته القوية وإصراره على القتال حتى آخر قطرة عرق لديه.
جماهير الأهلي
بدأت المقال بجماهير الأهلي أنهيه به لأنهم صمام الأمان وسر عبقرية هذا النادي، أتمنى ألا تكونوا بالغي القسوة على اللاعبين، فهم بشر في نهاية الأمر، وجميعنا يخطئ ويصيب في عمله.
ومن الضروري أن ندرك ان هناك وجوهًا عدة لكرة القدم، ولا يمكن أن نتجاهل أن فرقاً عظيمة أخفقت كذلك في هذه البطولة، فخسر باريس سان جيرمان مرعب أوروبا من بوتافوجو ثامن الدوري البرازيلي، الأقل كثيرًا في المستوى من بالميراس الذي فاز على الأهلي، كما خسر تشيلسي الإنجليزي بالثلاثة، وبكل نجومه من فلامنجو البرازيلي، وتعادل عملاق العالم ريال مدريد وكاد يخسر من الهلال السعودي.
الخلاصة أن الخسارة واردة، وعلينا أن نتقبلها دون تهويل أو تهوين، وما علينا سوى معالجة الأخطاء، وعدم المكابرة، وبالتوفيق في مباراة بورتو الأخير فربما تحدث المعجزة.