منوعات
داخل المسكن التقليدي العتيق لعائلة “تشن يوان لونغ” في مدينة هاينينغ الصينية، يتجدد الحديث بين جيلين يفصل بينهما الزمن وتجمعهما الجدران.
تسأل حفيدة صغيرة جدها: “لماذا لا تهدمون البيوت القديمة وتبنون مكانها شيئا جديدا؟” فيجيب الجد: “لأن ما له تاريخ لا يُهدَم.. بل يُورَّث”.
هذا الموقف البسيط يعكس فلسفة حياة كاملة يتبناها “وانغ جي كانغ”، أحد أبرز خبراء ترميم المباني التراثية في الصين، والذي يُلقَّب بـ”طبيب المباني التاريخية”. وانغ لا يرى في الجدران المتشققة نهاية عمر، بل بداية حياة جديدة.
يتنقّل وانغ بين المدن والقرى الصينية مثل راهب معماري، يرمم السقوف الخشبية والمداخل المزخرفة، ويحيي تقنيات يدوية اندثرت أو تكاد.
يحمل في أدواته فلسفة فريدة تقول إن حماية الموروث لا تكمن فقط في إنقاذه من السقوط، بل في الحفاظ على روحه وطريقة بنائه.
يرى وانغ أن كل مبنى قديم يشبه مخطوطة نادرة، وأن الحرفيين الذين ورثوا فنون الترميم هم من يعيدون قراءتها وكتابتها بحبر الإتقان والمعرفة. بالنسبة له، لا فرق بين إنقاذ مبنى عمره 200 عام وإنقاذ نص مقدس، كلاهما جزء من ذاكرة الأمة.
اليوم، ومع تزايد موجات التحديث العمراني السريع في المدن الصينية، يواجه هذا النهج تحديات كبيرة. لكن وانغ، ومن معه من التلاميذ والمتطوعين، يحاولون أن يكونوا حراس الذاكرة المعمارية، وأن ينقلوا للأجيال القادمة درساً لا يقل أهمية عن أي منجز عصري: أن التقدم لا يعني القطع مع الماضي، بل الاستناد إليه.