في لحظة مفصلية، فجّر البرلمان الفرنسي جدلاً حاداً بعد تصويت مفاجئ من اليمين وأقصى اليمين لوقف جميع مشاريع الطاقة المتجددة في البلاد وإحياء محطة “فيسنهايم” النووية.
القرار الذي أُقر بأغلبية ضئيلة تسبب في صدمة داخل الحكومة، وأثار موجة غضب في الأوساط البيئية والسياسية، واعتُبر بمثابة “انتحار جماعي” و”كارثة مناخية وتشريعية” في بلد يواجه حرارة قياسية وتحذيرات علمية متزايدة.
هذا المشهد أثار موجة من القلق في الأوساط السياسية والبيئية، وسط انقسام حاد في البرلمان الفرنسي على خلفية التحديات المناخية والاقتصادية الراهنة.
شهدت الجمعية الوطنية الفرنسية توتراً شديداً، بعد أن أقر النواب يوم الخميس تعديلًا يقضي بفرض تجميد فوري على جميع مشاريع الطاقة المتجددة (الرياح والطاقة الشمسية)، بدفع من اليمين (حزب الجمهوريين) وبدعم من اليمين المتطرف، وسط احتجاجات واسعة من بقية الأطياف السياسية، بحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية.
وصاحب التعديل النائب جيروم نوري من حزب الجمهوريين، وهو عضو في الائتلاف الحاكم، وقد تم اعتماده بصعوبة في نهاية الجلسة بعد الظهر، بفضل أصوات نواب حزب الجمهوريين (LR) والتجمع الوطني (RN)، مستغلين غياباً ملحوظاً لنواب اليسار والكتلة الوسطية (النهضة، آفاق، موديم). إذا ما تم تمرير القانون بالكامل، فإن هذه المادة ستفرض تعليقاً فورياً لجميع المشاريع الجديدة في قطاعي الرياح والطاقة الشمسية.
رد فعل عنيف
أثار القرار غضب الحكومة التي اعتبرته “توقفاً مفاجئاً وخطيراً” للمسار البيئي. وزير الصناعة الفرنسي، مارك فيراشي، علق بغضب قائلاً: “أقولها بكل جدية ورسمية: هذا التجميد تصرّف غير مسؤول إطلاقاً”، واصفاً القرار بأنه “إشارة مدمّرة” للصناعة الفرنسية والطاقة النظيفة.
فيما عبرت النائبة البيئية الباريسية ساندرا روسو عن استيائها قائلة: “إنه انتحار جماعي”، خلال حديث لها على “إر.إم.سي” الفرنسية صباح الجمعة. وأضافت: “ما يحدث في البرلمان خطير للغاية. النواب يتخذون قرارات تناقض تماماً ما يحذّر منه العلماء بشأن المناخ”.
تزامن هذا القرار مع موجة حر مبكرة وغير طبيعية تضرب أجزاء واسعة من فرنسا، مما زاد من وقع الصدمة. وأضافت روسو: “نشهد انتصاراً للتشكيك بالمناخ داخل قاعة البرلمان”.
انهيار سياسي وصناعي
فيما اعتبر النائب اليساري ماتيا تافيل ما حصل “انهياراً في مجال الطاقة والصناعة والسياسة”.
وأضاف أن إبقاء هذا التجميد يعني أن “فرنسا لن تمتلك كميات كافية من الكهرباء”، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى “أكبر خطة تسريح جماعي في تاريخ البلاد”.
كما حمّل المسؤولية للتحالف الحاكم الذي فشل في حضور الجلسة الكافية للتصدي لهجوم اليمين وأقصى اليمين.
انتصارات اليمين
وكان حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) قد هدد برفض النص كاملًا إذا لم يُدرج في جدول أعمال الجمعية، وهو ما تم فعلاً. قبل التصويت على التعديل المتعلق بالطاقة المتجددة، نجح أيضاً في إدخال فقرة تنص على إعادة تشغيل محطة “فيسنهايم” النووية المغلقة منذ 2020، مما أثار أيضاً غضب أحزاب الوسط واليسار.
أعرب مارك فيسنو، رئيس كتلة حزب “موديم”، عن خيبة أمله قائلاً: “قانون البرمجة يفترض به أن يوفر الاستقرار والرؤية، لكننا نزيد الأمور اضطراباً”.
من جانبهم، وصف البيئيون النص بأنه “تهديد خطير للمناخ” ونتاج “انزلاق الجمعية إلى العبث”.
تصويت حاسم
في هذا السياق المشحون، من المرتقب أن يشهد التصويت النهائي على القانون الثلاثاء المقبل أجواءً عاصفة، حيث تدعو المعارضة اليسارية والكتلة الوسطية والمقربون من الرئيس ماكرون إلى رفض القانون، كما حاولوا (دون جدوى) مع قانون “التبسيط” الذي تحوّل أيضاً إلى أداة لضرب السياسات البيئية.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز