«ادفع لتُسجَن» في أمريكا.. رحلة ديون تبدأ من الزنزانة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



في أمريكا «أرض الفرص»، لا شيء يُمنح مجانًا، حتى السجن، فالدولة لا تكتفي بحجز حريتك، بل تُرسل لك لاحقًا فاتورة عن هذه الخدمة «الفندقية».

فقد تظن أن السجن هو العقوبة، لكن في الحقيقة هو مجرد البداية، أما العقوبة الحقيقية فهي عندما تكتشف أن حتى الجدران الأربعة تُسعّر بالدولار، وجرعة الدواء تُكلّف أكثر من حبة أمل، وبنظام «ادفع لتُحبس» أصبح السجين زبونا والدَّين مؤبّدا.

وكشف موقع «أكسيُوس» الأمريكي، السبت، النقاب عن نظام متجذر في أغلب الولايات الأمريكية يُعرف باسم «ادفع لتُسجَن» (Pay-to-Stay)، وهو نظام يفرض على السجناء رسومًا مالية مقابل إقامتهم وخدماتهم داخل السجن.

ورغم قسوته، فهو قانوني في 48 ولاية، ويكرّس دائرة مفرغة من الفقر والديون، قد تُفضي في بعض الحالات إلى العودة مجددًا للسجن.

تكاليف الحبس.. رسم على «الغرفة» و«الدواء»

وفقًا لتحليل جديد أجرته منظمة Campaign Zero، فإن 42 ولاية أمريكية إلى جانب واشنطن العاصمة تفرض رسوم إقامة («غرفة وطعام») على السجناء البالغين، بينما 43 ولاية تفرض رسومًا على الخدمات الطبية.

ولا يقتصر الأمر على البالغين، إذ تفرض 33 ولاية + واشنطن رسوم إقامة على الأحداث، في حين تفرض 31 ولاية + واشنطن رسومًا طبية عليهم.

كاليفورنيا وإلينوي فقط خارج الدائرة

الاستثناءات نادرة: كاليفورنيا وإلينوي هما الولايتان الوحيدتان اللتان ألغتا كافة فئات الرسوم المفروضة داخل سجون الولاية. أما نيوهامشير، فرغم إلغائها 3 من أصل 4 فئات، لا تزال تفرض رسوم إقامة على الأحداث.

ديون ما بعد الإفراج

ويتم اقتطاع هذه الرسوم غالبًا من أجور السجناء التي لا تتجاوز في بعض الحالات 50 سنتًا في الساعة، ويُفرض عليهم دفع:

رسوم طبية تصل إلى 15 دولارًا للزيارة الروتينية

رسوم إقامة تُقتطع مباشرة من حساباتهم أو أجورهم

وفي حال عجزهم عن التسديد أثناء مدة السجن، تتحول إلى ديون لاحقة تلاحقهم بعد الإفراج

لا معارضة سياسية تُذكر

السيناتور الديمقراطي أنطونيو ماستاس من ولاية نيو مكسيكو وصف هذه الرسوم بأنها «ضريبة على المتهمين جنائيًا»، معتبرًا أن الحكومات تعتمد عليها لجمع الأموال دون أن تتحمل عواقب سياسية.

وأكد أنه لم يكن على علم بوجود هذه الرسوم المتبقية في ولايته رغم جهوده التشريعية السابقة لإلغائها، وقال: «سأعمل على هذه القضية من جديد».

ويدافع بعض المسؤولين عن هذه الرسوم بالقول إنها تذهب لدعم برامج الضحايا أو تمويل الخدمات الحكومية.

غير أن النقاد يؤكدون أن هذه التبريرات تنهار أمام الواقع الاجتماعي القاسي، خصوصًا وأنها تُفرض حتى على مرتكبي جرائم غير عنيفة أو دون ضحايا، مثل حيازة المخدرات.

ديلان هاير، مدير المناصرة في مركز العدالة للغرامات والرسوم، اعتبر أن: «هذا استغلال مالي في ثوب العدالة… أنت تأخذ إنسانًا في أكثر لحظاته هشاشة وتُسلمه فاتورة لا يستطيع دفعها».

من الأكثر تضررًا؟

ورغم أن الدراسة لم تتضمن تفصيلًا حول الأثر العرقي لهذه الرسوم، إلا أن ديراي ماكيسون، المدير التنفيذي لمنظمة «كامبين زيرو»، شدد على أن السود والأقليات العرقية يتضررون بشكل غير متناسب، نتيجة ارتفاع معدلات سجنهم وتفاوت الدخل الاقتصادي.

ما الذي سيحدث لاحقًا؟

تعتزم منظمة «كامبين زيرو» شن حملة ضغط واسعة النطاق، تشمل جولات في عدة ولايات، بهدف الضغط على السلطات المحلية لإلغاء نظام «ادفع لتُسجَن» بالكامل، وتقديم توصيات إصلاحية يمكن أن تؤسس لتشريعات تنهي هذا النظام المتجذر في السياسات العقابية الأمريكية.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً