القاهرة تحترق.. قصور الاستعدادات وخطر الإهمال

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في مشهد تكرر أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة، استيقظ سكان العاصمة المصرية على حريق هائل شبّ في مبنى رئيسي تابع للاتصالات بمنطقة رمسيس، مخلّفًا قتلى ومصابين وخسائر واسعة، فضلًا عن شلل شبه كامل في خدمات الإنترنت والاتصالات.

تأتي هذه الحادثة لتضاف إلى سلسلة حرائق متواترة طالت منشآت حيوية وتجارية في قلب القاهرة، وسط تساؤلات متزايدة حول أسباب هذا التفاقم، وحدود قدرة الأجهزة المعنية على احتواء الأخطار.

حرائق لا تنتهي

تشير البيانات الرسمية إلى تسجيل آلاف الحرائق سنويًا داخل القاهرة وحدها، بعضها يعود إلى ارتفاع درجات الحرارة أو ماس كهربائي، لكن جزءًا كبيرًا منها يرتبط بالإهمال وغياب الصيانة الدورية.

وفي أحدث الوقائع، أسفر الحريق الذي اندلع بمبنى الاتصالات عن وفاة 4 موظفين وإصابة العشرات، في حين واجهت فرق الإطفاء صعوبة في السيطرة على النيران لساعات طويلة، ما تسبب في حالة ارتباك واسعة بين المواطنين والمؤسسات التي تعتمد على البنية التحتية الرقمية.

ثغرات واضحة في منظومة الأمان

بحسب خبراء السلامة، تفتقر العديد من المباني الحكومية والتجارية إلى الحد الأدنى من تجهيزات الوقاية ومخارج الطوارئ، في ظل ضعف الرقابة الفعلية على تطبيق الاشتراطات الهندسية.
ويلفت الدكتور حسام العشري، أستاذ هندسة الحرائق، إلى أن تكرار مثل هذه الحوادث “ليس قدرًا محتومًا، بل نتيجة مباشرة لتقاعس الجهات التنفيذية في إجراء الفحص الدوري والتدريب الميداني”.

انعكاسات اقتصادية واجتماعية

لم تقتصر تداعيات الحرائق الأخيرة على الأضرار المادية أو الخسائر البشرية فحسب، بل امتدت لتشمل تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، إذ تعطلت خدمات الدفع الإلكتروني وحركة التعاملات البنكية لعدة ساعات.

كما تسببت حالة الذعر في نزوح العاملين من المباني المجاورة، وتعليق أعمال بعض الشركات والمحال، وسط مطالبات شعبية بسرعة المحاسبة وتوضيح الأسباب الحقيقية للحريق.

إلى متى؟

في الوقت الذي تتوالى فيه بيانات التطمين الرسمي، يتساءل كثيرون: إلى متى ستظل الحرائق تكشف هشاشة البنية التحتية؟ ولماذا تتكرر الأخطاء ذاتها دون خطة واضحة للمعالجة الجذرية؟

ويرى مراقبون أن الأزمة تتجاوز حدود حادث منفرد، لتكشف عن “أزمة إدارة مزمنة”، تحتاج إلى إصلاحات عاجلة في آليات الوقاية والاستجابة السريعة، وإعادة النظر في خطط الطوارئ وتوزيع معدات الإطفاء.

الحاجة إلى حلول شاملة

يؤكد متخصصون أن التصدي لهذا التحدي يتطلب حزمة إجراءات عاجلة، تبدأ بإعادة تأهيل شبكات الكهرباء، وتشديد التفتيش الدوري على المنشآت، وتطوير قدرات الدفاع المدني، إضافة إلى توعية المواطنين بكيفية التعامل مع الأخطار.

وبينما تتجه أنظار المصريين إلى التحقيقات الرسمية، يبقى الأمل في أن تكون هذه الكارثة جرس إنذار حقيقي، يدفع إلى اتخاذ خطوات جادة تحمي الأرواح والممتلكات، وتعيد الثقة في قدرة الدولة على صون أمن الناس وسلامتهم.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً