أثارت طريقة تعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع عدد من رؤساء الدول الأفريقية خلال اجتماع عُقد في البيت الأبيض موجة واسعة من الانتقادات، وُصفت بأنها متسمة بالفتور والتعالي، في مشهد أعاد للأذهان صورًا نمطية لطالما سعت القارة السمراء لتجاوزها في علاقاتها الدولية.
قمة “باهتة” وقادة في موضع “العرض السريع”
خلال القمة المصغّرة التي عُقدت يوم الخميس، وجمعت ترامب مع رؤساء كل من موريتانيا، ليبيريا، السنغال، الجابون، وغينيا بيساو، طلب الرئيس الأمريكي من الحضور الاكتفاء بذكر أسمائهم ودولهم دون أي كلمات إضافية، مبررًا ذلك برغبته في “تسريع وتيرة الاجتماع”.
هذا السلوك قوبل بانتقادات حادة من ناشطين ومحللين، الذين اعتبروا أن الرؤساء تم التعامل معهم وكأنهم موظفون في شركة خاصة، لا قادة دول ذات سيادة، واصفين اللقاء بأنه كان فاقدًا لأبسط قواعد البروتوكول والاحترام المتبادل.
مشهد يعزز الانطباع السلبي
وبدت اللقطات المصورة التي خرجت من الاجتماع داعمة لهذا الانطباع، إذ ظهر ترامب جالسًا بتعابير وجه متعالية، في حين وقف القادة الأفارقة الواحد تلو الآخر في وضعية أقرب إلى “الاستجواب” أو “العرض السريع”، ما اعتبره كثيرون استخفافًا دبلوماسيًا غير مقبول.
بوتين في الكفة الأخرى.. لقطات من قمة سان بطرسبورغ تعود للواجهة
وفي مقابل هذا المشهد، استعاد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع من القمة الروسية–الأفريقية التي عُقدت عام 2023 في سان بطرسبورغ، حيث ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاءات تتسم بالود والاحترام مع قادة القارة، من بينهم رئيس جزر القمر غزالي عثمان، الذي جلس قبل وصول بوتين، في مخالفة بروتوكولية تعامل معها الرئيس الروسي بمرونة وابتسامة خفّفت من الموقف.
تباين في الرؤى تجاه إفريقيا
وركّز المراقبون على أن التباين بين بوتين وترامب لا يقتصر فقط على الأسلوب الشخصي، بل يعكس أيضًا اختلافًا جوهريًا في الرؤية الاستراتيجية تجاه القارة السمراء.
فبينما يؤكد بوتين باستمرار أن إفريقيا شريك استراتيجي مهم في عالم متعدد الأقطاب، يُنظر إلى نهج ترامب على أنه يختزل القارة في كونها سوقًا أو منطقة نفوذ، لا شريكًا متكافئًا، إذ ركّز خلال اللقاء على الجوانب التجارية والأمنية بنبرة متعالية، وفق تعليقات كثير من المحللين.
قراءة في ملامح النظام الدولي المتغير
ويرى مراقبون أن هذا التباين يُبرز التحولات الجيوسياسية المتسارعة، وسعي الدول الأفريقية لإعادة تموضعها داخل النظام الدولي بما يحفظ كرامتها ومصالحها، وسط تنافس واضح بين القوى الكبرى على كسب ودها وتحقيق الشراكات معها.