في خطوة تحمل مؤشرات على سعيه لفتح صفحة جديدة في المشهد السياسي الإثيوبي، قدّم رئيس الوزراء آبي أحمد رؤيته للتحول الوطني خلال لقاء موسّع جمعه مع قادة عدد من الأحزاب السياسية المعارضة.
اللقاء، الذي يأتي في ظل تحديات داخلية، ناقش قضايا مصيرية أبرزها الإصلاح الدستوري، وتوسيع نطاق الحوار الوطني، وتعزيز استقلالية المؤسسات، إلى جانب معالجة ملف النازحين ومكافحة الفساد ودفع عجلة الاقتصاد ومساعي الحكومة إلى منفذ بحري.
وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه الحكومة إلى بناء توافق أوسع حول مستقبل البلاد، وسط تباينات في المواقف وتحديات تتنامى على الأرض.
وقال آبي أحمد إن مشروع الإصلاح في إثيوبيا لا يقتصر على إعادة صياغة الدستور، بل يمتد إلى تغيير السياسات، وتحديث القوانين، وإعادة هيكلة المؤسسات، مضيفا أن أي تعديل دستوري يجب أن يكون نتاج توافق وطني، وليس قرارا أحاديا، مشيرا الى أن الحوار الوطني يعد حجر الزاوية في هذه العملية، باعتباره ساحة جامعة لكل الأصوات.
وأشار إلى أن مفوضية الانتخابات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان باتا مستقلين تماما، وتتم التعيينات فيهما من قِبل جهات مدنية، بعيدا عن التدخلات الحكومية.
حوار وطني لا يُقصي أحدا
ووجه آبي أحمد دعوته لجميع القوى للمشاركة في الحوار الوطني، وقال إن الطاولة مفتوحة للجميع، وإن الآراء القوية يجب أن تُسمع، حتى إن لم تُعتمد بالكامل، مشيرا الى الفكرة، وفقا لرؤيته، تكمن في بناء إجماع وطني يضع الأسس لمستقبل أكثر شمولا وعدالة.
وبلهجة حاسمة، رفض آبي أحمد أي محاولة لفرض الإرادة السياسية عبر العنف، مؤكدا أن “الاعتقاد بأن القوة وحدها تصنع التغيير، هو وهم يجب أن ينبذ”.
اقتصاد يتوسع ويتحول
وكشف رئيس الوزراء الأثيوبي عن تحول هيكلي واسع يشهده الاقتصاد الإثيوبي، متجاوزا الزراعة إلى مجالات مثل التعدين، والتكنولوجيا، والسياحة، والصناعة. وقال هناك ارتفاع لعائدات الدولة إلى أكثر من 4 مليارات دولار، وانخفاض الدين العام إلى 13%، مع تحسن ملحوظ في الميزان التجاري.
كما أشار إلى إنجازات تشمل توفير 4.5 مليون فرصة عمل داخلية وتمكين نصف مليون مواطن من العمل بالخارج فضلا عن دعم 60 ألف إثيوبي للعمل عن بُعد مع شركات عالمية وإنشاء أكثر من 1400 سوق أسبوعي لربط المنتجين بالمستهلكين.
وحول ملف الوصول إلى البحر، أكد آبي أحمد، أن قضية حصول إثيوبيا على منفذ بحري تتجاوز السياسة اليومية، وتتصل بحياة الناس ومصالح الدولة الاستراتيجية، مثل الوقود والسماد والسلع الأساسية. وأكد أن بلاده تسعى لحلول سلمية وقانونية، تعود بالنفع المتبادل وتعزز الاستقرار الإقليمي.
وتدهورت العلاقات بين الجارتين، إثيوبيا والصومال، منذ توقيع أديس أبابا في الأول من يناير/كانون الثاني 2023، اتفاقية مع «أرض الصومال»، تسمح لها باستخدام سواحل الإقليم على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، لمدة 50 عاماً مقابل اعتراف إثيوبيا باستقلال أرض الصومال، وسط رفض مصري – عربي – صومالي. وتلاها في أبريل/نيسان 2024، إعلان مقديشو طرد السفير الإثيوبي من البلاد.
وبعد عدة جولات بين الصومال وإثيوبيا، رعتها تركيا التي لها تواجد لافت بالبلدين بداية من يوليو/تموز 2024، تلاها جولة ثانية في أغسطس/آب، صدر إعلان أنقرة في ديسمبر/كانون الأول والقاضي بالذهاب لمحادثات انطلقت في فبراير/شباط الماضي، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن أزمة الميناء البحري في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية.
واختتم آبي أحمد حديثه بالدعوة إلى إعلاء ثقافة التعددية والتنافس الديمقراطي، مؤكدا أن احترام نتائج الانتخابات ركيزة الاستقرار، وأن الحوار الوطني لا يجب أن يبقى شعارا بل ممارسة حية تجسد مستقبلا تصنعه المشاركة لا الصراعات.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز