رغم تقلباته في الآونة الأخيرة، حذر بنك جولدمان ساكس من أن الدولار الأمريكي قد يفقد مكانته التقليدية كملاذ آمن ويعود للتداول كـ”عملة خطرة”، في ظل تصاعد التوترات التجارية والسياسية وتراجع جاذبية الأصول الأمريكية.
وأشار البنك، في تقرير حديث، إلى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تهدد استقرار الدولار وتضعف مكانته العالمية، على رأسها حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية، والتدخل السياسي في استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى جانب اتجاه المستثمرين لتنويع استثماراتهم بعيدًا عن الأصول الأمريكية.
تصاعد التوترات التجارية
رغم التوصل إلى اتفاقات تجارية مبدئية مع الصين واقتراب الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، فإن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس اعتبارًا من أول أغسطس المقبل، أثارت القلق مجددًا في الأسواق العالمية.
كما قرر ترامب فرض رسوم جديدة على جميع الواردات القادمة من البرازيل، التي هددت بالرد بالمثل، مما يعزز احتمالات عودة التصعيد في الحرب التجارية العالمية.
وأفادت تقارير بأن ترامب أرسل خلال اليومين الماضيين خطابات رسمية إلى 14 دولة حول العالم بشأن إجراءات جمركية مرتقبة.
أزمة استقلال “الفيدرالي”
عاد الصدام مجددًا بين البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي، بعد أن وجه ترامب انتقادات حادة لرئيس البنك المركزي جيروم باول بسبب رفضه خفض أسعار الفائدة.
وطالب الرئيس الأمريكي بشكل صريح باستقالة باول، ما أثار مخاوف واسعة في الأسواق بشأن استقلالية السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
انخفاض جاذبية الدولار
وأشار محللو جولدمان ساكس، إلى أن المستثمرين باتوا يميلون إلى بيع الدولار بالتوازي مع الأسهم الأمريكية، وهو نمط تكرر خلال السنوات الأخيرة، على خلاف الصورة التقليدية التي كانت تجعل الدولار وجهة آمنة في أوقات العزوف عن المخاطرة.
وسجل الدولار الأمريكي أدنى مستوياته في ثلاث سنوات مؤخرًا، مع اتجاه المستثمرين إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب، وسط مخاوف متصاعدة بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
وأضاف التقرير أن تراجع قيمة الأسهم والسندات والدولار الأمريكي معًا أصبح أكثر شيوعًا، ما يعكس تحولًا في مواقف المستثمرين العالميين، ويثير تساؤلات حول استمرارية هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي.
ورأى المحللون، أن تلك التطورات قد تشير إلى تحول استراتيجي طويل الأجل، مع احتمال تراجع الدور المحوري للدولار في فترات الأزمات، وهو ما يضعف من موقعه كعملة مرجعية للاحتفاظ بالقيمة وقت التقلبات.