وسط مشاهد الغناء والرقص بمعسكر “موتوبو” الواقع عند سفوح البراكين شمال غربي رواندا، تستعرض الحكومة خطواتها في مسار المصالحة الوطنية.
جهود تبرز من خلال برامج إعادة الإدماج والتأهيل للمقاتلين السابقين العائدين من شرق الكونغو الديمقراطية.
وفي الذكرى الحادية والثلاثين للإبادة الجماعية التي وقعت عام 1994 وراح ضحيتها قرابة مليون شخص من التوتسي، دعت السلطات الرواندية وسائل الإعلام إلى زيارة معسكر “موتوبو” الذي أنشئ عام 2001 كجزء من سياسة إعادة الإدماج الوطني.
وجاءت الدعوة لإبراز ما تصفه بـ”جهود السلام والحوار مع المقاتلين السابقين”، بحسب تقرير لمجلة “لوبوان” الفرنسية.
إعادة الاندماج والتأهيل
يستقبل معسكر موتوبو مقاتلين سابقين من مختلف الجماعات المسلحة التي كانت تنشط في شرق الكونغو الديمقراطية، لا سيما من “قوات تحرير رواندا الديمقراطية” (متمردون)، حيث يخضع هؤلاء لبرامج تأهيلية تعنى بالتربية المدنية والتدريب المهني، بهدف إعادة دمجهم في المجتمع.
وبحسب العقيد المتقاعد سيبريان موديي، مدير المعسكر، فإن المركز استقبل منذ تأسيسه أكثر من 12 ألف مقاتل، من بينهم نحو 9000 عنصر سابق بـ”قوات تحرير رواندا الديمقراطية”.
ويشير إلى أن هؤلاء الأفراد، من بينهم جيلبرت ندايامباجي المعروف بـ”رافـيكي كاسترو”، يخضعون لعمليات تحقق دقيقة قبل دمجهم الكامل في المجتمع الرواندي.
شهادات
داخل المعسكر، يروي بعض العائدين تجاربهم المختلفة. من بينهم “جان دي ديو مورامي”، الذي قال إنه فر إلى زائير (الاسم السابق للكونغو الديمقراطية) في عام 1994.
وأضاف، في حديثه للمجلة الفرنسية، أنه لم يشارك في أي أعمال عنف، متابعا: “من يُشتبه في تورطه يتم التحقيق معه بدقة، وإذا ثبتت بحقه أفعال جنائية يُحال للعدالة”.
من جانبه، يقول الشاب حكيم علي باهاتي، البالغ من العمر 19 عاماً، إنه التحق بالمتمردين في سن مبكرة وتم تجنيده في وحدة عسكرية خاصة، حيث خضع لتدريبات تحمل طابعاً أيديولوجياً.
وأكد أنه تمكن لاحقاً من الهروب من صفوف الجماعة والعودة إلى رواندا عبر معبر حدودي بعد حصوله على أوراق هوية مؤقتة.
التدريب والمتابعة
يخضع العائدون لدورة تدريبية مدتها ثلاثة أشهر في مركز موتوبو، تركز على التربية المدنية والتدريب على المهن.
وعند استكمال البرنامج، يتم ضم بعضهم إلى “احتياط الجيش الرواندي” كآلية إضافية للمتابعة والمراقبة.
ويتلقى كل فرد دعماً مادياً وبطاقة هوية وفرصة للالتحاق بدورات مهنية كالكهرباء والسباكة وغيرها.
بين السلام والتحولات
يقول الباحث الفرنسي في شؤون وسط أفريقيا، جان-مارك كابستان، لـ”العين الإخبارية”، إن رواندا “تعمل على ربط برامج المصالحة الداخلية بمقاربة أمنية أوسع في المنطقة”.
ويوضح في حديثه للمجلة، أن اتفاق السلام الأخير بين كيغالي وكنشاسا برعاية أمريكية، والذي اشترط تفكيك الجماعة المتمردة مقابل انسحاب رواندا من مناطق حدودية، يندرج ضمن هذا الإطار الأوسع.
وأضاف: “معسكر موتوبو يقدّم نموذجاً لكيفية إدارة مرحلة ما بعد الصراع، لكنه يحمل أيضاً دلالات رمزية تتجاوز حدود رواندا الداخلية، إذ يتم تقديمه كمنصة لإعادة بناء الثقة وإغلاق ملفات الماضي”.
وفي خضم التحديات الأمنية والضغوط الإقليمية، تواصل رواندا اعتماد سياسة إعادة التأهيل والمصالحة عبر معسكرات مثل موتوبو، والتي تجمع بين البعد الإنساني والاجتماعي والسياسي.
وبينما لا تزال المنطقة تشهد تقلبات مستمرة، تبقى هذه التجربة محوراً مهماً في الجهود المبذولة نحو السلام والاستقرار في منطقة البحيرات الكبرى.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز