بين الإيمان والزحام.. نوتردام تبحث عن هدوئها المفقود

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



منذ إعادة افتتاحها في ديسمبر/ كانون الأول 2024، تحولت كاتدرائية نوتردام بباريس إلى مقصد يجمع بين الروحانية والسياحة، لكنها تواجه تحديًا في الحفاظ على هدوئها المقدس وسط زحام الزوار.

من بين الأقواس الحجرية والمقاطع المعمارية التي صمدت في وجه الحريق، تعود كاتدرائية نوتردام باريس إلى الحياة، لا كمعلم ديني فحسب، بل كـ”الملاذ الأول لفرنسا” على حد وصف الصحفي الفرنسي إليو دولفال.

في زمن تتعطش فيه الجموع للسكينة، تصبح نوتردام أكثر من مجرد كاتدرائية: إنها وجهة روحانية جماعية، لكنها أيضًا ساحة مزدحمة تهدد بتبديد صمتها المقدس. إليك تفاصيل هذه العودة التاريخية التي تخفي بين زخارفها صراعًا بين الإيمان والسياحة، بحسب شبكة “سي. نيوز” الفرنسية.

نوتردام تعود للحياة… وجحافل الزوار تحجّ إليها

عودة كاتدرائية نوتردام بعد الترميم

ومنذ إعادة افتتاحها في ديسمبر 2024 بعد خمس سنوات من الترميم إثر الحريق المدمر عام 2019، استقبلت كاتدرائية نوتردام باريس أكثر من ستة ملايين زائر خلال ستة أشهر فقط، في مشهد يُجسد ولادة جديدة لهذا المعلم الأثري.

لم تكن هذه العودة مجرد مناسبة لإعادة فتح أبواب كنسية، بل تحولت إلى حدث عالمي شهد عليه العالم، بفضل الحرفيين الفرنسيين والدعم المالي الذي جاء من جميع القارات.

كاتدرائية أم مزار شعبي؟ إليو دولفال يدق ناقوس الصمت

في افتتاحيته عبر قناة “سي نيوز”، وصف الصحفي إليو دولفال الكاتدرائية بأنها “أصبحت أول ملاذ في فرنسا”، مؤكدًا أن توافد الحشود أضفى على المكان بُعدًا جديدًا. لكن هذا التحول لم يخلُ من الإزعاج، بحسب وصفه، حيث غاب الهدوء الذي كان يميز هذا الفضاء الروحاني.

فالكاتدرائية اليوم تعيش مفارقة: منارة روحانية ومتحف حيّ في آن، يزورها الباحثون عن التأمل… والمهووسون بالتصوير.

ويقترح الصحفي الفرنسي أن تصبح الكاتدرائية ملجأ فرنسيًا يلجأ إليه الفرنسيون كوجهة روحانية على خطى الفاتيكان.

بين باريس وروما: درس في إدارة قدسية الأماكن

عودة كاتدرائية نوتردام بعد الترميم

خلال زيارته إلى روما، لاحظ دولفال كيف تنجح كاتدرائية سان بيير في احتضان 30 ألف زائر يوميًا دون أن تفقد هدوءها، بفضل الصرامة التنظيمية والاحترام الجماعي لخصوصية المكان. مقارنةً بذلك، تبدو نوتردام غارقة في همهمة لا تنقطع، تجعل من التأمل أمرًا عسيرًا.

فالأصوات تتصاعد، والنقرات لا تتوقف، وأجهزة الهاتف لا تعرف الراحة… ما جعل الكهنة والزوار الباحثين عن الخشوع يواجهون تحديًا يوميًا.

دعوة للسكينة: هاتفك في جيبك وصمتك هديتك

يوجه دولفال رسالة واضحة: على الزائرين طيّ هواتفهم والإصغاء إلى صدى الصمت داخل القبو المقدس.

فقط ببضع لحظات من التأمل يمكن استعادة الهدوء المفقود. ورغم الانتشار الكثيف للوحات الإرشادية التي تطلب التزام الصمت، إلا أن الفوضى ما تزال تحاصر روح المكان.

ويؤكد العاملون في الكاتدرائية أن الرسالة تُبذل، لكن وحدها المسؤولية الفردية قادرة على إنقاذ قدسية هذا الإرث.

بين الإيمان والسياحة… توازن يضمن الخلود

عودة كاتدرائية نوتردام بعد الترميم

نوتردام باريس ليست مجرد أثر تاريخي، بل كيان حيّ ينبض بين الماضي والحاضر. الحفاظ عليها لا يتطلب فقط التبرعات، بل وعيًا جماعيًا بأن هذه الجدران تحكي تاريخًا ممتدًا عبر قرون من الروحانية والفن والنضال.

وفي ظل استمرار الحشود، تبقى معركة استعادة الهدوء معركة يومية، تحتاج لتعاون الجميع، لأن ضجيج اليوم قد يُسكت روح نوتردام غدًا.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً