تناول تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي ما يتعلق بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقادة أفارقة، خلال قمة أمريكية أفريقية مصغرة.
وقال التحليل إن الرئيس الأمريكي الذي عقد اجتماعا أمس الأربعاء قادة من الغابون، غينيا بيساو، ليبيريا، موريتانيا، والسنغال على مأدبة غداء في البيت الأبيض، ركز في مناقشاته معهم على موضوعات التجارة، الأمن، الهجرة، والمعادن الاستراتيجية.
ورغم أن إدارة ترامب انسحبت إلى حد كبير من أفريقيا، من خلال خفض المساعدات وفرض حظر تأشيرات على عدة دول، إلا أنه من الواضح أن الولايات المتحدة لا تزال تولي أهمية للعلاقات مع بعض الدول الأفريقية، لا سيما في ظل سعيها لمنافسة الصين في مجال المعادن الاستراتيجية.
ونقل التحليل عن تروي فيترِل، كبير دبلوماسيي ترامب لشؤون أفريقيا والذي سيغادر منصبه قريباً، في مايو/أيار الماضي: “التجارة، لا المساعدات — هذا الشعار الذي لطالما تردد منذ سنوات، أصبح الآن فعلياً سياستنا تجاه أفريقيا”.
وتتأثر استراتيجية الإدارة الأمريكية في القارة بنصائح مسعد بُولُص، المستشار الأول لترامب في شؤون أفريقيا، والذي يُعد أيضاً والد زوج ابنة الرئيس. ويُنسب إليه الفضل في التفاوض على شروط اتفاق السلام الأخير بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وهو ما قد يمهد الطريق أمام المزيد من الاستثمارات الأمريكية في قطاع المعادن الحيوية في الكونغو.
ثروات معدنية
ورغم أن الدول الواقعة في وسط وغرب أفريقيا التي شاركت في قمة ترامب تملك ناتجاً محلياً إجمالياً صغيراً نسبياً، إلا أنها غنية بالمعادن الأرضية النادرة والمعادن الاستراتيجية غير المستغلة، مثل المنغنيز، البوكسيت، والنحاس. وتُمثل هذه الاحتياطيات فرصاً جديدة أمام الشركات الأمريكية في دول أفريقية لا تهيمن فيها الصين بشكل كامل على قطاع التعدين.
ونظرياً، فإن تركيز إدارة ترامب على هذه الدول الصغيرة يُعد خطوة ذكية. أما عملياً، فإن نجاح هذه المحادثات يعتمد على مدى استعداد الشركات الأمريكية الخاصة للاستثمار في مجال التعدين في تلك البلدان.
وحتى الآن، تجنبت الشركات الغربية العمل في منطقة الساحل — حيث تقع بعض الدول المشاركة في القمة — بسبب التمردات المسلحة المستمرة. وبدلاً من ذلك، توجهت الاستثمارات إلى دول ذات صناعات معدنية مستقرة وأوضاع أمنية أفضل، مثل زامبيا وجنوب إفريقيا.
وفي الوقت ذاته، اضطرت القوات الأمريكية إلى الانسحاب من منطقة الساحل، حيث كانت تشارك في عمليات مكافحة الإرهاب لنحو عقدين. فمنذ عام 2020، طردت المجالس العسكرية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر القوات الغربية، بما في ذلك القوات الأمريكية، وتحالفت بدلاً من ذلك مع روسيا.
لكن الساحل يُصبح أكثر أهمية بالنسبة للمصالح الأمريكية في مكافحة الإرهاب، لا سيما في ظل تصاعد هجمات مرتبطة بتنظيم القاعدة في المنطقة.
وفي مايو/أيار الماضي، حذر الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، من أن منطقة الساحل أصبحت “بؤرة صراع طويل الأمد” و”مركز الإرهاب في العالم”.
اعتبارات أمنية
وتشعر الولايات المتحدة بقلق خاص من احتمال انتشار النشاط الإرهابي إلى الدول الساحلية في غرب أفريقيا، وهو ما قد يُفسر محاولات واشنطن لتعزيز العلاقات الدبلوماسية في تلك المنطقة. وأضاف لانغلي أن الولايات المتحدة “ترصد هذا الوضع عن كثب، لأن هؤلاء الإرهابيين قد يمتلكون القدرة على شن هجمات داخل الأراضي الأمريكية”.
وقد يسعى ترامب أيضاً إلى بناء شراكات جديدة مع بعض هذه الدول في إطار جهوده لترحيل المهاجرين من الولايات المتحدة — بما في ذلك إعادتهم إلى دول ليست بلدانهم الأصلية، كما حدث مؤخراً مع جنوب السودان. وقد ازدادت الهجرة الأفريقية عبر الحدود الأمريكية المكسيكية، خصوصاً من موريتانيا والسنغال، في السنوات الأخيرة، مع تشديد القيود الأوروبية على الهجرة.
وكانت إدارة ترامب قد فرضت بالفعل حظراً على السفر على سبع دول أفريقية في يونيو/ حزيران الماضي، ومنحت 36 دولة — من بينها الغابون، ليبيريا، موريتانيا، والسنغال — مهلة 60 يوماً لحل مشكلات تتعلق بالتدقيق الأمني وارتفاع معدلات تجاوز الإقامة أو مواجهة حظر سفر. وفي الشهر الماضي، ألغى المنتخب السنغالي للسيدات لكرة السلة معسكره التدريبي في الولايات المتحدة بعد رفض منح تأشيرات لبعض أعضاء الفريق.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز