إمبراطورية «غابت عنها الشمس».. إرث الماضي يحرك صداعا في لندن

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



رغم زوال الإمبراطورية البريطانية منذ عقود، لا تزال “أقاليم ما وراء البحار” تمثل تحديات سياسية وقانونية معقدة في لندن.

وحاول تقرير لمجلة ناشيونال إنترست، إلقاء الضوء على ثلاث نقاط ساخنة في هذا الصدد: جبل طارق ودييغو غارسيا وجزر فوكلاند، حيث لا تزال التوترات تعكس قضايا دبلوماسية وأمنية شائكة.

جبل طارق

جبل طارق، شبه الجزيرة الصغيرة الواقعة على مدخل البحر المتوسط، تحت السيطرة البريطانية منذ عام 1713 بناء على معاهدة أوتريخت.

ورغم مطالبة إسبانيا المستمرة باستعادتها، تصر بريطانيا على أن سكانها — البالغ عددهم أكثر من 40 ألف نسمة — اختاروا طوعًا البقاء تحت السيادة البريطانية.

وفي أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تم التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين بريطانيا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بموافقة حكومة جبل طارق المحلية، يقضي بإقامة اتحاد جمركي بين جبل طارق والاتحاد الأوروبي، يزيل الحواجز أمام حركة البضائع والأشخاص.

وبموجب الاتفاق، تجرى عمليات التفتيش في الموانئ والمطارات من قبل سلطات محلية وإسبانية بشكل منفصل، دون المساس بالسيادة العسكرية البريطانية.

ورغم تعامل الاتفاق مع الجانب العملي وتجنب حل قضية السيادة الجوهرية، إلا أنه يعكس براغماتية نادرة من الطرفين، خاصة في ظل غياب الإرادة الشعبية في جبل طارق أو إسبانيا لإعادة إشعال الصراع.

دييغو غارسيا

أما دييغو غارسيا، الجزيرة الواقعة في قلب المحيط الهندي، فكانت محورًا لقضية أكثر تعقيدًا. إذ قامت بريطانيا في الستينيات بترحيل سكانها الأصليين، المعروفين باسم الشاغوسيين، لإفساح المجال أمام إقامة قاعدة عسكرية أمريكية حيوية.

ومنذ ذلك الحين، خضعت بريطانيا لانتقادات قانونية وحقوقية دولية، خصوصًا بعد أن حصلت موريشيوس التي كانت تدير الأرخبيل سابقًا، على آراء قانونية مؤيدة لحقها في السيادة.

وفي مايو/أيار الماضي، توصلت بريطانيا وموريشيوس إلى اتفاق ينهي النزاع، عبر إعادة السيادة على الأرخبيل إلى موريشيوس، مقابل ضمان بقاء القاعدة العسكرية الأمريكية تحت إدارة بريطانية لمدة 99 عامًا.

كما أُعلن عن صندوق تعويض بقيمة 61 مليون دولار لصالح أحفاد الشاغوسيين، الذين لن يُسمح لهم بالعودة دون موافقة بريطانية (وهو أمر مستبعد).

واعتُبرت الصفقة مكسبًا لموريشيوس وخروجًا مشرفًا لبريطانيا من مأزق قانوني، دون المساس بالمصالح الأمنية الأمريكية، رغم بعض المخاوف من احتمالات تقارب موريشيوس مستقبلًا مع الصين.

جزر فوكلاند

وتبقى جزر فوكلاند، الواقعة على بعد 300 ميل من سواحل الأرجنتين الجنوبية، أكثر القضايا استعصاءً. ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على حرب 1982 التي استعادت فيها بريطانيا الجزر بعد اجتياح أرجنتيني، لا تزال السيادة على الجزر موضع نزاع.

وتعتمد بريطانيا على الوجود الدائم لسكان الجزر (حوالي 3800 نسمة)، المتمسكين بهويتهم البريطانية، وعلى سيطرتها المستمرة منذ عام 1833.

أما الأرجنتين، فترى أن الجزر أُخذت منها بالقوة، وتواصل رفع القضية سنويًا أمام لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة.

لكن الرئيس الحالي، خافيير ميلي، يبدو أقل اندفاعًا من أسلافه القوميين، ويفضل التركيز على مشكلات البلاد الاقتصادية بدلًا من خوض معارك سيادية خاسرة.

اقتصاديًا، تتمتع الجزر بالاكتفاء الذاتي من خلال عائدات تراخيص الصيد، وربما مستقبلًا من النفط. أما عسكريًا، فتحتفظ بريطانيا بوجود مهم هناك يشمل 1500 جندي وأربع مقاتلات تايفون وفرقاطة.

ورغم اعتبار الاتفاق مع إسبانيا بشأن جبل طارق مثالًا على الواقعية السياسية، والاتفاق مع موريشيوس حول دييغو غارسيا مخرجًا قانونيًا مريحًا، تبقى قضية جزر فوكلاند مؤجلة إلى أجل غير مسمى، نظرًا للدماء التي سُفكت، وللرمزية التي باتت تمثلها في الوعي الوطني لدى الطرفين.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg

جزيرة ام اند امز

FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً