في مشهد فضائي يخطف الأنفاس، التقط تلسكوب جيمس ويب الفضائي صورة مدهشة لبنية كونية نادرة تشبه وجه بومة تتوسط الظلام.
الصورة التي تبدو أقرب إلى لوحة فنية أو لقطة من أعماق الغابات في منتصف الليل، تُظهر حلقتين زرقاوين تتوسطهما نواتان برتقاليتان، تُشبهان عينَي بومة تحدّق مباشرة نحو الأرض. لكن المفاجأة أن هذه “البومة الكونية” ليست إلا نتيجة تصادم هائل بين مجرتين على بعد مليارات السنين الضوئية من كوكبنا.
الفريق الدولي الذي قاد هذا الاكتشاف، بقيادة الدكتور مينغيو لي من جامعة تسينغهوا في بكين، أطلق على هذا المشهد اسم “البومة الكونية”.
ويشير الباحثون إلى أن الصورة توثق اصطدامًا مباشرا بين مجرتين دائريتي الشكل تُعرفان بـ”المجرات الحلقية”، وهي من أندر أنواع المجرات في الكون، وتشكل أقل من 0.01% من المجرات المكتشفة.
ويعود تاريخ هذا التصادم إلى نحو 38 مليون سنة، لكن ضوءه لم يصل إلى عدسات جيمس ويب سوى مؤخرا.
وتُظهر الصورة توازنًا مذهلًا في شكل الحلقات وحجمها، حيث يبلغ قطر كل منها نحو 26 ألف سنة ضوئية، ما يشير إلى تشابه كبير في الكتلة والبنية بين المجرتين المتصادمتين.
وفي مركز كل “عين” توجد نواة مجرية نشطة (AGN)، وهي من أكثر الأجسام سطوعا في الكون، وتُعتقد بأنها تحتوي على ثقوب سوداء هائلة تسحب المواد المحيطة بها. وقدّر العلماء كتلة هذه الثقوب السوداء بنحو 67 مليون و26 مليون ضعف كتلة شمسنا.
أما “منقار البومة”، فهو المنطقة التي تتقاطع فيها المجرتان، ويشهد حاليا انفجارات نجمية كثيفة، تُنتج نجومًا جديدة وربما كواكب تدور حولها لاحقًا.
ويرى العلماء أن مثل هذه الاندماجات المجرية تلعب دورًا محوريًا في تطور المجرات، من حيث تغيير الحجم، وإعادة توزيع الغازات، وزيادة تكوين الكتلة النجمية.
ومن المثير أن مجرتنا، درب التبانة، في مسار تصادمي مشابه مع مجرة أندروميدا، على بعد 2.5 مليون سنة ضوئية، وهو سيناريو قد يؤدي في المستقبل البعيد إلى تغييرات كبيرة في موقع الأرض داخل النظام الشمسي، إذا كانت الحياة لا تزال موجودة حينها.
ووفقا للفريق، فإن هذا الاكتشاف النادر يتطلب مزيدًا من المحاكاة الرقمية المتقدمة لفهم الظروف الدقيقة التي أدت إلى هذا الاندماج الكوني الفريد، وقد يلقي الضوء على دور هذه التصادمات في تشكل النجوم المبكر في الكون.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز