بالتزامن مع انطلاق كأس العالم للأندية 2025، بدأت التحذيرات تتصاعد بشأن سلامة اللاعبين وسط حرارة خانقة تجتاح عدة ولايات أمريكية، لا سيما مع إقامة المباريات في أوقات الظهيرة.
أصوات القلق ارتفعت بشدة بعدما ظهرت بوادر الإنهاك والإجهاد الحراري على اللاعبين والمشجعين على حد سواء، مما يعيد فتح ملف شائك يتعلق بجدولة مباريات كأس العالم 2026، التي ستُقام في توقيت مشابه تمامًا خلال فصل الصيف المقبل.
هذه الأجواء القاسية لا تهدد فقط جودة الأداء على أرض الملعب، بل تشكّل خطرًا فعليًا على صحة اللاعبين، الذين يحصلون على أوقات مستقطعة لشرب المياه.
Getty Images
ففي مباراة باريس سان جيرمان وأتلتيكو مدريد في باسادينا، خرج مدرب الفريق الفرنسي لويس إنريكي بتصريح واضح وصريح، حيث قال “الفرق تعاني”.
أما لاعب وسط أتلتيكو ماركوس يورينتي، فعبر عن حجم المعاناة بقوله “الحرارة لا تُحتمل، أصابع قدمي كانت تؤلمني، وأظافري تزعجني، لم أستطع الانطلاق أو التوقف.. أمر لا يُصدق”.
نجم باريس سان جيرمان فيتينيا، أضاف “أنا مُحمر بالكامل، كانت مباراة صعبة للغاية”، في إشارة إلى أثر درجات الحرارة المرتفعة على اللاعبين جسديًا.
هذه التصريحات، ومعاناة اللاعبين تحت شمس الصيف اللاهبة، تضع الاتحاد الدولي في موقف محرج، مع اقتراب مونديال 2026 الذي ستحتضنه الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.
توقف اللعب
فضلًا عن توقف اللعب في 3 مباريات حتى الآن بمونديال الأندية 2025، بسبب تحذيرات من سوء الأحوال الجوية.
ففي لقاء الأهلي وبالميراس، استأنف الحكم الإنجليزي أنتوني تايلور، اللعب، بعد توقف دام 60 دقيقة تقريبًا.
وكانت المباراة قد توقفت عند الدقيقة 62، وأخطر الحكم، مدربي الفريقين بالمغادرة مع اللاعبين إلى غرف الملابس بسبب تحذيرات من سوء الأحوال الجوية.
وظهرت سحب رعدية بمحيط ملعب المباراة، مما أدى إلى إيقاف المباراة، بناء على الضوابط التي وضعتها اللجنة المنظمة لسلامة اللاعبين والأجهزة الفنية والجماهير.
كما توقف اللعب أيضًا بسبب تحذيرات من سوء الأحوال الجوية، خلال مباراتي باتشوكا و سالزبورج، وصن داونز أمام أولسان هيونداي.
ظروف مناخية قاسية
11 من أصل 16 ملعبًا يستضيفوا المباريات، مكشوف وغير مغطى، مما يجعله عرضة لتقلبات الطقس، ووفق التوقعات، فإن 7 من هذه الملاعب الخارجية، ستشهد هذا الأسبوع، درجات حرارة تتجاوز 90 فهرنهايت، وهي نفس الفترة الزمنية التي ستُقام فيها بطولة كأس العالم للمنتخبات خلال الصيف المقبل.
مخاوف كبيرة تحيط أيضًا بالجدول الزمني المعتمد للمباريات، إذ يُلاحظ أن العديد من مواجهات كأس العالم للأندية هذا الصيف، مثل لقاء يوفنتوس ضد الوداد في فيلادلفيا أو بايرن ميونخ أمام بنفيكا في شارلوت، ستنطلق عند الظهيرة أو العصر، في ذروة موجة الحر، من أجل خدمة توقيت الذروة في أوروبا وأفريقيا.
وفي المقابل، يضطر اللاعبون للتعامل مع ظروف مناخية قاسية قد لا يُحتمل معها اللعب لمدة 90 دقيقة متواصلة بأداء كبير.
المعضلة لا تتوقف عند اللاعبين فقط، بل تطال الجماهير في المدرجات أيضًا، ففي ميامي، لم يستطع حارس بنفيكا أناتولي تروبين، إخفاء دهشته من الأجواء الحارة والرطبة بعد تعادل فريقه مع بوكا جونيورز قائلاً “هذه أول مرة في حياتي أشعر بحرارة كهذه”.
توقيت المباريات لا يخدم الفرق
لويس إنريكي أكد مجددًا أن توقيت المباريات لا يخدم الفرق، مشيرًا إلى أن “الحرارة أثّرت على مستوى الأداء، ومن المستحيل الحفاظ على النسق العالي طوال 90 دقيقة”.
وأضاف المدرب الإسباني “الوقت مناسب للبث في أوروبا، لكن الفرق تدفع الثمن”.
ويزيد من خطورة الوضع، ما كشف عنه لاعبون آخرون شاركوا في بطولة كوبا أمريكا الصيف الماضي، إذ خرج مدافع أوروجواي رونالد أراوخو بين الشوطين لشعوره بالدوار، فيما نُقل حكم مساعد إلى المستشفى بسبب الجفاف.
MTI/Lakatos Péter
ومع تزايد هذه الحوادث، تتساءل الأوساط الكروية حول ما إذا كان الفيفا مستعدًا فعليًا لاتخاذ تدابير حاسمة لحماية اللاعبين والجماهير في مونديال 2026.
وحتى الآن، لم تُعرف تفاصيل واضحة عن الإجراءات التي ستُتخذ، بينما تستمر مباريات كأس العالم للأندية في مدن مثل سينسيناتي، ميامي، أورلاندو، ونيوجيرسي، في أوقات تعتبر الأكثر خطورة مناخيًا.
ومن الحلول المطروحة، محاولة تغطية الملعب بسقف متحرك، بيد أن هذا الحل يحتاج لوقت طويل، مما يجعل صعوبة تنفيذه قبل الصيف المقبل، أمرا بالغ الصعوبة.
في الوقت الحالي، يحاول اللاعبون التأقلم قدر الإمكان مع هذه الظروف. يقول فيتينيا “نحن نحاول التعافي بكل الطرق الممكنة، لأننا في مرحلة قد تكون حاسمة من الموسم”.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو “هل سيكون ذلك كافيًا في ظل استمرار الفيفا بجدولة المباريات في عزّ الظهيرة، حيث لا ظلّ ولا رحمة من شمس الصيف الأمريكي؟”.
