رسائل ودلالات مهمة حملها قرار إزالة الإمارات من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
القرار الأوروبي التاريخي يتوج جهود دولة الإمارات الرائدة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الصعيدين المحلي والدولي.
تعزز دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر إجراءات فاعلة لمواجهة الجريمة المالية، الأمر الذي رسخ مكانتها العالمية في مكافحة الجرائم المالية والتمويلات غير المشروعة، وجعلها تحقق مركز قيادي في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
الإزالة من القائمة الأوروبية
جهود متواصلة توجت بتحقيق إنجازات بارزة في هذا الملف، وسط إشادات وشهادات دولية بجهود دولة الإمارات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ضمن أحدث تلك الإنجازات، جاء قرار إزالة دولة الإمارات من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي بيان للإمارات تعليقا على تلك الخطوة، أكد أحمد بن علي الصايغ، وزير الدولة الإماراتي أن بلاده “ترحب بمصادقة البرلمان الأوروبي على القائمة المحدّثة للمفوضية الأوروبية للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وبين أن القرار “يُشكل اعترافاً واضحاً حول التزام الدولة الراسخ بأعلى المعايير العالمية في مكافحة الجرائم المالية الدولية”.
وأضاف :”تواصل دولة الإمارات دورها كشريك موثوق واستراتيجي للاتحاد الأوروبي، وتؤكد التزامها الراسخ بضمان تطبيق أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بفعالية وبحزم ما يُمكّنها من مواجهة التحديات العالمية المستقبلية الناشئة”.
وتابع: “بصفتها واحدة من أكثر الاقتصادات نمواً في العالم ومركزاً مالياً دولياً موثوقاً، تواصل دولة الإمارات العمل جنباً إلى جنب مع كافة الشركاء الدوليين لحماية نزاهة النظام المالي الدولي. كما نتطلع إلى توطيد الشراكة الإماراتية – الأوروبية، بما يعزز التعاون الوثيق، والازدهار والأمن المشترك، للمنطقتين وشعوبنا”.
ثقة دولية
يأتي هذه القرار بعد عدة شهور، من قرار الاجتماع العام للمجموعة الأورو آسيوية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (EAG) في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، منح الإمارات صفة عضو مراقب في المجموعة، لتصبح أول دولة في المنطقة تُمنح صفة مراقب في هذه الهيئة الإقليمية، التي تشكّل جزءاً من الشبكة الدولية لمجموعة العمل المالي “فاتف” ، في خطوة تعكس ثقة المجتمع الدولي بالإمارات شريكا موثوقا وفاعلا ونشطا في مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب..
يشكّل هذا الانضمام خطوةً مهمةً في تعزيز التزام دولة الإمارات بالتعاون الإقليمي والعالمي في مجال مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، ويمثل امتداداً لمشاركتها الفعّالة في العديد من المنظمات الإقليمية والدولية حيث تتمتع دولة الإمارات بصفة مراقب لدى مجموعة آسيا والمحيط الهادئ المعنية بغسل الأموال “APG”، وعضوية كاملة في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “MENAFATF”.
وكانت مجموعة آسيا والمحيط الهادئ المعنية بغسل الأموال “APG” قد منحت الإمارات يوليو/تموز 2023 صفة مراقب، لتصبح دولة الإمارات أول دولة عربية تُمنح صفة مراقب في المجموعة.
جاء هذا بعد نحو شهر، من قيام مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) برفع تصنيف دولة الإمارات العربية المتحدة أواخر مايو/أيار من العام نفسه، تقديراً لجهودها في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتمكّن صفة المراقب دولة الإمارات من المشاركة الفعلية في مناقشات المجموعة الأورو آسيوية، والتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى لتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المنطقة حيث تؤدي الدول الأعضاء التي لها صفة مراقب دوراً أساسياً في هذا المجال من خلال المساهمة بالخبرات ودعم المبادرات والتعاون مع الدول الأعضاء في المجموعة.
إشادة “فاتف”.. إزالة من القائمة الرمادية
أيضا على صعيد الإنجازات الإماراتية في هذا الصدد، أعلنت مجموعة العمل المالي “فاتف”، المنظمة الدولية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في فبراير/شباط 2024، عن استكمال دولة الإمارات تنفيذ جميع التوصيات الـ15 الواردة في خطة عملها، ما جسد اعترافا بكفاءة منظومة مواجهة جريمة غسل الأموال والحد من التمويل غير المشروع، ونجاحها في خلق بيئة اقتصادية حاضنة للشركات تضمن نموها وازدهار أعمالها.
وبالفعل، خرجت دولة الإمارات في الشهر نفسه، من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي “فاتف” ( قائمة الدول الخاضعة لعمليات المراقبة المعززة) بعد استكمالها السريع خطة عملها في غضون 23 شهراً فقط، وهو زمن قياسي مقارنة بالمتوسط البالغ 33 شهراً، الذي تستغرقه الدول الأخرى، ما يعكس فعّالية الإطار التنظيمي القوي للدولة، والتزامها الراسخ بمكافحة الجرائم المالية على مستوى العالم، وكفاءة أنظمة المصرف المركزي في مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ويؤكد التزام الدولة بتطبيق أعلى المعايير الدولية.
والقائمة الرمادية هي مصطلح يُطلق على الدول التي تُدرجها مجموعة العمل المالي “فاتف” ضمن قائمة “الدول الخاضعة للمراقبة المعززة”. تضم القائمة الدول التي تعاني من “نواقص استراتيجية” في أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل، لكنها أبدت التزاماً سياسياً عالي المستوى للعمل مع “فاتف” على تنفيذ خطة إصلاح واضحة ضمن جدول زمني محدد.
إنجازات تتوالى وشهادت تتواصل، تؤكد دور دولة الإمارات في حماية نزاهة النظام المالي العالمي، وتثبت التزام الإمارات الراسخ بمكافحة الجرائم والشبكات غير المشروعة داخل الدولة وخارجها.
جهود بارزة
إنجازات مستمرة، تتويجا لجهود الإمارات البارزة على مختلف الأصعدة، لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الصعيدين المحلي والدولي.
ضمن أحدث تلك الجهود، يأتي قرار إزالة الإمارات من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد أقل من شهر من اعتماد مجلس الوزراء الإماراتي خلال اجتماعه في 17 يونيو/ حزيران الماضي إعادة تشكيل اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب.
واعتمد المجلس قراراً بالموافقة على إعادة تشكيل اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب برئاسة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وعضوية كل من وزير الدولة للشؤون المالية، ووزير العدل، ووزير الاقتصاد، ورئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ، ومحافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، ورئيس جهاز أمن الدولة، ورئيس جهاز أمن الدولة بإمارة دبي، والأمين العام للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، إضافة إلى ممثلين عن كل من وزارة الداخلية ووزارة الخارجية والمجلس الأعلى للأمن الوطني.
تتولى اللجنة دراسة وتقييم فاعلية الاستراتيجيات والإجراءات المتبعة في مجال غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب على مستوى الدولة، والإشراف على عملية التقييم المتبادل للدولة لقياس مدى التزامها بالمعايير الدولية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، إضافة إلى إقرار التوصيات والإجراءات التحسينية في هذا الشأن ومتابعة تنفيذها، وغيرها من المهام والاختصاصات ذات الصلة.
وتعليقا على القرار، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ” اعتمد المجلس خلال الاجتماع إعادة تشكيل اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان”.
وأضاف: “حققت اللجنة خلال الفترات السابقة نجاحاً متميزاً في تعزيز الاستراتيجيات والإجراءات المتبعة في مجال غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب على مستوى الدولة… وستواصل اللجنة أعمالها لتظل الإمارات رائدة عالمياً في مجال غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وواحة أمن وسلام.. وبيئة أعمال مثالية لجذب أصحاب المشاريع والأعمال في كافة القطاعات”.
استراتيجيات وتشريعات
ضمن جهودها المتواصلة أيضا، تبنت دولة الإمارات استراتيجيات وتشريعات متقدمة ومبتكرة لبناء منظومة وطنية متكاملة لمواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، والتي تم تطويرها اعتمادا على أفضل الممارسات المتبعة عالمياً، مما أسهم في تعزيز السمعة الإيجابية المرموقة التي يتمتع بها الاقتصاد الإماراتي عالمياً، وترسيخ مكانته كمركز اقتصادي تنافسي يُطبق أعلى معايير النزاهة والشفافية في مجال الرقابة المالية والتجارية.
وأصدرت الإمارات سلسلة من التشريعات والسياسات الداعمة لمنظومة مواجهة غسل الأموال، لتصبح من أقوى البُنى التشريعية على مستوى العالم، حيث تم إصدار أكثر من 7 تشريعات وسياسات في مدة لا تزيد عن 4 سنوات وتحديداً خلال الفترة من 2020 إلى 2024.
ضمن أحدث تلك التشريعات، أصدرت حكومة دولة الإمارات أغسطس/ آب الماضي مرسوماً بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.
ويهدف المرسوم بقانون، الذي يأتي ضمن التطوير المتواصل للبنية التشريعية والقانونية في دولة الإمارات، إلى تعزيز الإطار القانوني الذي يدعم جهود الجهات المعنية في الدولة بمكافحة الجرائم المالية، ويرفع مستوى الالتزام الفني لدولة الإمارات بالتوصيات والمعاهدات الدولية في هذا المجال.
كما يأتي هذا المرسوم بقانون في إطار استراتيجية الدولة لحماية النظام المالي المحلي، من خلال تطبيق أكفأ الأنظمة لمكافحة هذه الجرائم، التي تؤثر سلباً على اقتصادات الدول.
وتضمنت التعديلات إنشاء لجنة تُسمى “اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب”، ويصدر بتشكيلها ونظام عملها قرار من مجلس الوزراء.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن استراتيجيتها الوطنية الجديدة للأعوام 2024-2027 لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح.
وتضع الاستراتيجية 11 هدفاً للإصلاحات التشريعية والتنظيمية التي تتخذها دولة الإمارات لمكافحة تأثير هذه الأنشطة غير المشروعة على المجتمع وعملت الأمانة العامة للجنة الوطنية، بالشراكة مع مختلف الجهات المعنية على وضع الاستراتيجية الوطنية الجديدة للدولة.
الإمارات وأوروبا.. شراكة وموثوقية
أيضا يتوج القرار الأخير الشراكة والموثوقية التي تربط الإمارات والاتحاد الأوروبي، في مختلف المجالات ولاسيما في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ضمن التعاون المتواصل في هذا الصدد، كانت دولة الإمارات قد استضافت في أبريل/ نيسان الماضي وفدًا من الاتحاد الأوروبي، بمشاركة ممثلين عن خمس دول أعضاء وهي: بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، إيرلندا، والسويد، وذلك في إطار جهودها المستمرة في تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
على صعيد ذي صلة، زار وفد من دولة الإمارات برئاسة الأمانة العامة للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، في يناير/كانون الثاني الماضي العاصمة الفرنسية باريس لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجرائم المالية والجرائم المنظمة وتعزيز الأمن الاقتصادي الدولي.
وفي 27 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقعت الأمانة العامة للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، والشرطة المالية في الجمهورية الإيطالية “غوارديا دي فينانزا”، مذكرة تفاهم لإطلاق شراكة إستراتيجية في مكافحة تهديدات الجريمة المالية.
خطوات متتالية، تجسد تطلع دولة الإمارات إلى توطيد الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بما يعزز التعاون الوثيق، والازدهار والأمن المشترك، للمنطقتين وشعوبهما.
وتُشكل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة فرصة هامة لتعميق الشراكة القائمة، مع وجود إمكانية لزيادة صادرات الاتحاد الأوروبي إلى دولة الإمارات بنسبة 128.5% ما يحقق نمواً إضافياً في الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد بقيمة 13.8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2031.
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي مفاوضاتهما بشأن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي بين الجانبين.
ويعدّ الاتحاد الأوروبي أحد أهم الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، حيث يمثل 8.3% من مجمل التجارة غير النفطية، حيث بلغت قيمة التجارة غير النفطية بين الطرفين 67.6 مليار دولار عام 2024، ما يمثل نمواً بنسبة 3.6% مقارنة بعام 2023.
فوائد عديدة
يسهم خروج دولة الإمارات من القائمة الأوروبية للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب في فوائد عدة من أبرزها:
- تعزيز ثقة المستثمرين والجهات المالية الدولية في الاقتصاد والنظام المالي للإمارات.
- تسهيل وتعزيز العلاقات المصرفية وتنفيذ المعاملات المالية الدولية.
- زيادة الوصول إلى الخدمات المصرفية العالمية وتسهيل التجارة وتدفقات رأس المال.
- زيادة جاذبية الاستثمار الأجنبي وثقة المستثمرين باقتصاد الإمارات.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg
جزيرة ام اند امز