رصاصة في لحظة غضب”.. حكاية دماء في مكتب محاماة بـ”الزيتون

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


وسط مدينة اعتادت ضجيج الشوارع وهدوء مكاتب المحاماة، اجتمعت الخصومة والأمل في غرفة واحدة، ظنّ الجميع أنها ستنجب صلحًا طال انتظاره، لكن الغضب حين يثور لا يعترف بحروف القانون ولا دفاتر القضايا، بل يكتب النهاية بطلقات عمياء لا تفرق بين خصم وحبيب.

حكاية قصيرة المدى، لكنها ثقيلة الأثر، وقعت داخل القاهرة وتحديدًا في منطقة حلمية الزيتون، حيث كان من المفترض أن تُعقد هدنة بين قلبين مزقتهما الخلافات. 

دوى صوت الرصاص فجأة، فمزق الصمت والنية الحسنة معًا، وتحولت جلسة صلح عائلية إلى ساحة حرب مصغّرة، لينقلب الهدوء فجأة إلى أصوات طلقات نارية وصراخ مذعور. 

مشهد لا يُصدّق للوهلة الأولى: دماء سائلة على أوراق القضايا التي وُلدت أصلًا من الخصام، وأربعة مصابين بطلقات متفرقة، بينهم محامٍ حاول أن يكون سدًّا أمام العاصفة، وزوج فقد السيطرة على انفعاله، فأشعل فتيل مأساة لم يكن يتخيلها أحد.

بداية بلاغ ودوامة تحقيقات

ليل القاهرة لم يكن قد أرخى سدوله بعد، حين تلقى قسم شرطة الزيتون بلاغًا يقطع سكونه: “مشاجرة مسلحة داخل مكتب محاماة بشارع ترعة الجبل، وهناك مصابون بالرصاص”. 

تحركت قوات الشرطة على عجل، تحاصر المكان الذي صار أشبه بساحة حرب، حيث تناثر الزجاج والدماء، وسكن الخوف عيون الشهود.

أثناء الفحص، وُجد أربعة أشخاص مضرجين في دمائهم، والمكتب غارقًا في الفوضى، وقد بدت آثار الرصاص واضحة في المكان الذي شهد تلك اللحظات الدامية. 

وعلى الفور تم نقل المصابين إلى المستشفى في حالة حرجة، بينما بادرت النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل واستدعاء شهود العيان لكشف ملابسات الحادث.

جلسة صلح تشعل الشرر

تبدأ الواقعة بحضور الزوج المتهم، يحمل على كتفيه ثقل الخلافات وأمل المصالحة. حضرت زوجته واثنان من أسرتها لمحاولة إنهاء خلافات أسرية وصلت إلى أروقة المحاكم. 

بدأ الأمر بجلسة نقاش متوترة، وما هي إلا دقائق مشحونة بالكلمات القاسية والعتاب الصامت، ثم تصاعدت الأصوات، وتحول الجدل إلى مشادة محتدمة. 

كان الكل يرجو أن ينتهي النقاش بخطوة سلام، لكن الغضب كان أسرع من التمني، وأشد ضجيجًا من صوت الحكمة.

انفعال مفاجئ وإطلاق عشوائي

وما هي إلا لحظات فقد فيها الزوج السيطرة على نفسه، حتى انفلتت يده من زمام صبرها، ليُخرج سلاحًا ناريًا كان يُخفيه بين طيات ثيابه، ويطلق النار بشكل عشوائي داخل المكتب. 

خرجت الرصاصات هوجاء، لا تعرف صديقًا من خصم. 

أُصيب المحامي الذي حاول بكل جسده أن يوقف الجنون، وأُصيب ثلاثة آخرون بينهم الزوجة نفسها. 

تعلقت الأبصار بدهشة ممزوجة بالرعب، وتحول المكان إلى صرخات وأنين، بينما تعالت صرخات الأهالي في الخارج.

دقائق رعب وقيود عدالة

تصاعدت أصوات الاستغاثة في الشارع. الأهالي الذين سمعوا صوت الرصاص وصيحات الاستغاثة، سارعوا بإبلاغ الشرطة. 

حضرت قوات الأمن إلى موقع الحادث خلال دقائق، وفرضت طوقًا أمنيًا حول المنطقة التي أصبحت شاهدة على مأساة مكتملة الأركان، وألقت القبض على المتهم الذي وقف مذهولًا أمام فعلته، وضبطت السلاح الذي أنهى محاولة الصلح برائحة البارود.

تحقيقات متواصلة وأسئلة كثيرة

نُقل المصابون إلى المستشفى في حالة حرجة لتلقي العلاج، بينما فتحت النيابة العامة تحقيقًا سريعًا، وشرعت في استجواب المتهم، واستدعاء الشهود، وجمع الأدلة لمعرفة دوافع ما حدث. 

كيف تحولت كلمات العتاب إلى صوت رصاص؟ وكيف اجتمعت الخلافات والأحقاد في رصاصات أطلقت العنان للمأساة؟

انتهت الليلة بأن طُويت أوراق الصلح، ودُوّنت أوراق قضية جديدة. 

المتهم الآن خلف القضبان في انتظار مصير تحدده العدالة، والرصاصة شاهدة على أن الغضب إذا لم يُكبح، قد يكتب نهايات مأساوية لم تكن يومًا على الخاطر.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً