مفاوضات بغداد – أربيل «في طريق شبه مسدود».. قبل نقطة اللا عودة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



كشف مصدر مطّلع في مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن الأزمة بين بغداد وأربيل “وصلت إلى طريق شبه مسدود”.

ويُشير التصريح إلى أن الأزمة العالقة تراوح مكانها، لكنه يبدو أيضًا كتحذير من بلوغها نقطة اللا عودة.

ما هي الأزمة؟

يتمتع إقليم كردستان العراق الغني بالنفط بحكم ذاتي، لكنه مُطالب بتسليم كامل الكمية النفطية المطلوبة من بغداد، والمقدرة بـ280 ألف برميل يوميًا، بينما يُصرّ على الاحتفاظ بما بين 100 إلى 120 ألف برميل لتكريرها محليًا.

في المقابل، تعتبر بغداد أن من مسؤولياتها توفير المشتقات النفطية لجميع محافظات العراق، بما فيها الإقليم، وترفض التعامل مع الإقليم ككيان مستقل اقتصاديًا.

ويترتب على هذه الأزمة خلاف آخر، إذ ترفض بغداد تسليم الإقليم الرواتب قبل أن يُورد حصته النفطية المتفق عليها إلى شركة “سومو”.

لكن الإقليم يطالب بصرف الرواتب أولًا كحق إنساني لا يجب ربطه بأي اتفاق سياسي أو اقتصادي.

ما وراء الأزمة

يبدو أن جوهر الخلاف، وفق مصادر «العين الإخبارية»، لا يكمن فقط في الرواتب، بل في صلب «السلطة الاقتصادية» للإقليم ومستقبل علاقة أربيل بالحكومة المركزية.

ويكشف التباين في وجهات النظر بين بغداد وأربيل، بحسب مراقبين، عن صراع عميق بين منطقين: أحدهما يسعى إلى تكريس مركزية الدولة وتعزيز سيطرتها على الموارد، والآخر يتمسك بـ«خصوصية إدارية» تلامس حدود الاستقلال المالي والسياسي.

هذا الاشتباك يعكس – على ما يبدو – هشاشة الثقة بين الطرفين؛ فبغداد لا ترى ضمانًا حقيقيًا في التزام الإقليم مستقبلًا بالاتفاق، وأربيل، في المقابل، تعتبر ربط الرواتب بالملف النفطي “ابتزازًا سياسيًا” لا يمكن قبوله.

ولا يقتصر الخلاف على النفط والرواتب فقط، فهناك قضايا أكثر تعقيدًا ما تزال تعيق التفاهم، من بينها ديون الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم، التي ترفض حكومة أربيل تحميلها للحكومة الاتحادية، وكذلك مسألة توطين الرواتب، وضرورة تزويد بغداد ببيانات دقيقة عن الحسابات المصرفية لموظفي الإقليم، وهي خطوة تواجه برفض ضمني من سلطات كردستان.

ويرى مراقبون أن بغداد تحاول فرض معيار شفاف وموحّد في جميع المحافظات، بينما تخشى أربيل من أن يؤدي الإفصاح الكامل عن الحسابات إلى تقويض استقلالها الإداري والسياسي.

هل من حل؟

وسط هذه الأجواء، تروّج وسائل إعلام قريبة من الحزب الديمقراطي الكردستاني أخبارًا عن اتصال محتمل من مسرور بارزاني برئيس الوزراء السوداني، وعن «توقّعات» بصرف جزء من حصة الرواتب كحل مؤقت.

لكن هذه التطمينات تبدو بعيدة عن الواقع، إذ تؤكد المصادر المطلعة أن أيا من هذه الوعود لم يتحول إلى قرار، وأن اجتماع مجلس الوزراء لم يناقش أصلًا هذا الملف، ما يعني أن لا اتفاق قد وُقّع فعليًا، ولا رواتب في الأفق القريب.

وفي حديثه لـ«العين الإخبارية»، قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إبراهيم محمد قبو، إن وفد الإقليم عاد إلى أربيل بعد «الاتفاق» مع بغداد، لكنه فوجئ بأن المجلس لم يبحث الملف. هذا التصريح يعكس حجم التضارب بين ما يعلنه ممثلو الإقليم وما تؤكده مصادر بغداد.

في العمق

يكشف المشهد الراهن أن الأزمة بين بغداد وأربيل لم تعد مسألة رواتب فقط، بل تتعلق بتوازن القوة السياسية والإدارية في العراق، حيث تسعى بغداد إلى توسيع سيادتها المالية على حساب امتيازات تاريخية للإقليم، بينما تتمسك أربيل بمعادلة “النفط مقابل الحقوق”.

وفي ظل غياب الثقة، وتعدّد الأجندات، وافتقاد الإرادة السياسية الحاسمة من الطرفين، يبدو أن أزمة الرواتب ستبقى حبيسة نزاع سياسي طويل الأمد، لا يمكن حله إلا عبر تفاهم شامل يعيد ضبط قواعد العلاقة بين المركز والإقليم على أساس من الشفافية والتكامل المؤسسي، لا منطق المناورة والوعود المؤجلة.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg

جزيرة ام اند امز

FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً