واحة الشبيكة، الواقعة في محافظة توزر جنوب غرب تونس، هي واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المنطقة، حيث تتجلى روعة الطبيعة وسحر الواحات في تناغم فريد يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
في عمق الجنوب التونسي، حيث تمتد الرمال وتعلو الجبال وتنبثق الواحات، تقبع “واحة الشبيكة” كأنها لوحة طبيعية نسجتها يد الزمن على مهل. هذه الواحة، المبنية من الحجارة والتربة المحلية، تبدو من بعيد وكأنها علقت على حافة الجبل، لكنها في الحقيقة متجذرة في الأرض، شاهدة على تحولات الطبيعة والبشر منذ آلاف السنين.
تتميز الشبيكة بتضاريس استثنائية تجمع بين الجبال الشاهقة والصحراء الممتدة والواحات الخضراء التي تنبض بالحياة. وتعتبر من أبرز الوجهات لعشاق المغامرة ومحبي الطبيعة الذين يجدون فيها مزيجًا ساحرًا من التكوينات الصخرية الغريبة، وبرك المياه الفيروزية، والوديان التي تتخللها أشجار النخيل السامقة.
بعيدًا عن جاذبيتها البصرية، تحمل الشبيكة بين طياتها بعدًا تاريخيًا عميقًا. فقد اكتشف علماء الآثار فيها بقايا أدوات تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، من آلات صيد ودفاع، إضافة إلى قطع من بقايا حيوانات بحرية يعود تاريخها إلى ملايين السنين، ما يكشف عن غنى جيولوجي وآثاري فريد للمنطقة. وعلى مرتفع من مرتفعات الواحة، يقف ضريح أثري قديم، يوفر إطلالة بانورامية ساحرة على الجبال المحيطة.
ويقول أحد المتخصصين في الشأن السياحي لـ«العين الإخبارية» إن واحة الشبيكة تُعد من أجمل الواحات في الجنوب التونسي، وتستقطب ملايين الزوار سنويًا من داخل البلاد وخارجها. وأشار إلى أن الواحة تحتفظ بخصوصيتها الحضارية والتاريخية والسياحية، مما يجعلها محور اهتمام واسع في إطار تنشيط السياحة الواحية والصحراوية.
واحة الشبيكة ليست فقط معلمًا طبيعياً وسياحياً، بل هي أيضًا نموذجٌ للزراعة البيولوجية، إذ تنتج خيرات عضوية من التمور والخضروات والأشجار المثمرة، إلى جانب لحوم وحليب الماعز والإبل. وقد شهدت السنوات الأخيرة تعزيز هذه المقومات من خلال إنشاء إقامة سياحية بيئية بتمويل من أحد المستثمرين المهتمين بالسياحة المستدامة.
منذ عام 2015، تم اختيار واحات الشبيكة لتكون واحدة من خمس مناطق بيولوجية نموذجية على مستوى البلاد، في مبادرة وطنية تهدف إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي والتنمية المتوازنة للواحات.
وتحافظ الواحة على شلالاتها المتدفقة التي تجذب الزوار وتدهش الناظرين، لتظل الشبيكة لا مجرد مقصد سياحي، بل عالمًا قائماً بذاته… واحةٌ تعيش بين صمت الرمل وهمس الماء، وتواصل حكايتها في حضن الجنوب التونسي دون انقطاع.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg
جزيرة ام اند امز
