أعلنت دبي نجاحها في إطلاق أول رحلة تجريبية للتاكسي الجوي من طراز “جوبي” (Joby) في المنطقة، مما يفتح آفاقًا جديدة لفكرة التنقل الجوي وكيف يمكن أن تُحدث ثورة في وسائل التنقل حول العالم.
وجاء هذا الإنجاز بالتعاون بين هيئة الطرق والمواصلات في دبي وشركة “جوبي أفييشن”، ضمن الاستعدادات الجارية لإطلاق الخدمة رسميًا خلال العام المقبل.

تاريخ فكرة التاكسي الطائر
تعود فكرة “التاكسي الطائر” إلى أوائل القرن العشرين، حينما طرح المخترعون مفهوم “السيارة الطائرة” مثل نموذج جلين كورتيس عام 1917.
وخلال العقود التالية وحتى أواخر خمسينيات القرن الماضي، حاول مخترعون بارزون مثل هنري فورد، ووالدو ووترمان، ومولتون “مولت” تايلور تطوير نماذج أولية.
لكن هذه المشاريع واجهت تحديات كبيرة، منها حوادث تحطم، ونقص التمويل، وصعوبات تقنية، ما دفع صناعة التنقل الجوي الحضري للتركيز على تحسين السلامة والكفاءة الاقتصادية للطيران العمودي.

محطات التطور في الطيران عند الطلب
بحلول العقد الثاني من الألفية الثالثة، شهدت صناعة التنقل الجوي “عودة ظهور” خدمات الطيران عند الطلب، مع تركيز على توصيل البضائع ونقل الركاب.
الآن يمكن حجز طائرات هليكوبتر عبر الهاتف الذكي من خلال شركات مثل BLADE، وSkyRyde، وUberCopter.
وفي هذا السياق، أطلقت وكالة ناسا والقوات الجوية الأمريكية مبادرات لتعزيز سلامة وقابلية توسع أنظمة التنقل الجوي الحضري، حيث أطلقت ناسا “الحملة الوطنية المتقدمة للتنقل الجوي” ووقعت اتفاقيات مع 17 شركة لاختبار هذه الأنظمة. أما برنامج “أجيليتي برايم” للقوات الجوية فيركز على تطبيقات الطيران العمودي العسكرية.
أهداف تاكسي دبي الطائر
كشف متحف المستقبل، بالتعاون مع هيئة الطرق والمواصلات في دبي (RTA)، عن نموذج أولي للتاكسي الطائر الذي طورته شركة “جوبي للطيران” (Joby Aviation)، ويُعرض حاليًا في طابق “الغد واليوم” بالمتحف، ليعكس رؤية دبي الطموحة في تبني حلول نقل متقدمة ومستدامة.
تُعد هذه المبادرة حجر الزاوية في جهود دبي لتحويل قطاع النقل، مع هدف تحقيق 25% من الرحلات ذاتية القيادة بحلول عام 2030. ويعتمد المشروع على تكنولوجيا كهربائية متقدمة تهدف لتقليل انبعاثات الكربون، دعمًا للأهداف العالمية للاستدامة.

صرح خالد العوضي، مدير إدارة أنظمة النقل في هيئة الطرق والمواصلات، قائلاً: “يشرفنا عرض نموذج التاكسي الجوي في متحف المستقبل، وهو يعكس طموح دبي ونهجها الاستشرافي لإعادة تعريف التنقل في المدينة.
يمثل هذا المشروع بداية حقبة جديدة، حيث ستصبح دبي أول مدينة بالعالم تطلق التاكسي الجوي رسميًا، مع بدء التشغيل المتوقع في الربع الأول من 2026.”
مواصفات التاكسي الطائر “جوبي S4”
يمثل التاكسي الجوي من طراز “جوبي S4” قمة تقنيات الطيران الكهربائي المستدام، فهو مركبة صديقة للبيئة تعمل بالكهرباء بالكامل دون أي انبعاثات ضارة.
تم تصميمها لتوفير أمان وراحة وسرعة استثنائية، مع قدرة على الإقلاع والهبوط العمودي (eVTOL)، مزودة بستة دوارات وأربع مجموعات بطاريات.
تتسع الطائرة لأربعة ركاب بالإضافة إلى الطيار، ويصل مداها إلى 161 كيلومترًا، وسرعتها القصوى 322 كيلومترًا في الساعة، ما يجعلها خيارًا أكثر هدوءًا وكفاءة مقارنة بطائرات الهليكوبتر التقليدية.
ربط المواقع وتقليل زمن الرحلات
ستربط المسارات الأولية لخدمة التاكسي الجوي بين أهم المواقع في دبي، مثل مطار دبي الدولي، وسط المدينة، دبي مارينا، ونخلة جميرا، فمثلاً، تستغرق الرحلة من المطار إلى نخلة جميرا 12 دقيقة فقط، مقارنة بـ 45 دقيقة بالسيارة.
كما ستُعزز الخدمة التكامل مع أنظمة النقل العام ووسائل التنقل الفردية مثل الدراجات الكهربائية، لتسهيل النقل متعدد الوسائط وتحسين الربط في المدينة، وإعادة تعريف مفهوم التنقل الحضري.
المطار العمودي.. بوابة المستقبل للتاكسي الجوي
سيضم المطار العمودي المخصص للتاكسي الجوي مرافق متطورة تلتزم بأعلى معايير السلامة العالمية، بطاقة استيعابية تصل إلى 42 ألف هبوط سنويًا، وخدمة نحو 170 ألف مسافر.
سيتم تطويره وتشغيله بالتعاون مع شركات تشغيل دولية رائدة، حيث تتولى “جوبي للطيران” إدارة عمليات المركبات والخدمات اللوجستية، فيما تتولى “سكاي بورتس” تصميم وإنشاء وتشغيل البنية التحتية.

وتتولى هيئة الطرق والمواصلات ضمان تقديم خدمة عالية الجودة وتكاملاً سلسًا مع شبكة النقل في دبي.
خطط التوسع في كندا والولايات المتحدة
تخطط شركة Joby Aviation لبدء عملياتها في نيويورك خلال العام الحالي، عبر خدمة نقل جوي كهربائية تربط مطار جون إف كينيدي بوسط مانهاتن.
وفي كندا، تُنظم عمليات التاكسي الجوي بواسطة هيئة النقل الكندية وفقًا للوائح الطيران، ويشمل التعريف الكندي الطائرات التجارية ذات المحرك الواحد والمروحيات متعددة المحركات التي تُشغل بواسطة طيار واحد في ظل قواعد الطيران البصري.