سرير ودبلة ونصف روح.. اللحظات الأخيرة في حياة رويدا ضحية حادث الإقليمي

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


4 مشاهد لخصت الساعات الأخيرة في حياة رويدا، ربما تكون إحدى الضحايا التي تشابهت مع فتيات المنوفية في المصير، لكنها اختلفت معهم في قصة الرحيل، جميعهن استلسم للصدمة الأولى وصعدت أرواحهن إلى بارئها، عدا رويدا التي ظلت تصارع حتى الرمق الأخير، لتسجل مشهدًا يجسد بطولة فتاة عاشت بنصف روح لتحاول إنقاذ رفيقاتها.

فتيات المنوفية ضحايا حادث الطريق الإقليمي

المشهد الأول.. التجمُع الأخير لفتيات المنوفية

فجر الجمعة الماضي، تعالت أصوات ضحكات رويدا وزميلاتها أمام المخبز، الذي أحضرن منه لقيماتهن الأخيرة، كنّ ينتظرن “أدهم” على الرصيف ليأتي كعادته في كل صباح ويأخذ بحافلته الصغيرة أكثر من 20 بنتًا إلى مصنع العنب، أخذت رويدا كيس المخبوزات وصعدت إلى الميكروباص، لتعيش وحدها لحظات عصيبة ظلت تحاصرها حتى مثواها الأخير.

المشهد الثاني بطلته رويدا

صرخات عالية أخيرة صدرت من صبايا العنب، حينما بدأت عجلات حافلة أدهم تنحرف يمينًا ويسارًا، وصمت عمّ الأرجاء بعدما اصطدمت الحافلة بتريلا، حولت الجميع إلى أجساد بلا روح مسجاة على الأرض. هذا المشهد الفظيع وثقته عينا رويدا التي كانت في كامل وعيها، ترى صديفات عمرها وهن يفارقن الحياة ببطء.

بخطى بطيئة وجسدٍ نازف، تحاملت رويدا على نفسها حتى بات بمقدورها النهوض على قدميها، وتحركت صوب رفيقاتها بنصف روح وسط هذا الكابوس التي تعيشه وهي تحاول إنقاذهن، لكنها وجدت نفسها تُغطّي جثامينهن.

بجانب إحدى الرفيقات التي وقع جسدها على الطريق، التقطت رويدا هاتفًا بيدها المصابة، واستطاعت أن تتصل بالإسعاف، فهي من أبلغت أن هناك حادثًا على الطريق وأن هناك فتيات فقدن أرواحهن.

المشهد الثالث.. الممرضة في وحدة الاستقبال

في تلك الأثناء، كانت الممرضة التي فضّلت عدم ذكر اسمها، تجلس على كرسيها – حسبما وصفت في تسجيل حصلت عليه “تليجراف مصر”، بعدما مرت على غرف الحالات المجاورة، تنتظر من سيتسلم منها “الشيفت”، وظل اليوم هادئًا حتى رأت فرد أمن يجري من بعيد ويصرح: “بسرعة يا جماعة، حضروا السراير في حادثة كبيرة على الطريق الإقليمي.. وهيجي أكتر من 20 مصاب”.

فجأة تحوّل الهدوء في قسم الاستقبال بالمستشفى إلى جلبة وضجيج.. وظنت الممرضة ومن معها أن الإصابات خفيفة، البعض يعاني من جروح وكسور، ولم تدرك أنها سترى بعينيها 19 فراشة اختارها القدر لتودع الحياة.

المشهد الرابع.. وصية رويدا

رويدا كانت أول حالة تستقبلها الممرضة، وضعها الممرضون على السرير في حالة صعبة بين الحباة والموت، تشير إلى إصبعها، ففهمت الممرضة ما تريده بعدما رأت الدبلة تخترق عظامها.. كانت رويدا تتألم وتريد خلع الدبلة.

رويدا أوصت الممرضة: “إدي الدبلة دي لأمي”، لترد عليها الممرضة بابتسامة وهي تربت على كتفها الملطخ بالدماء: “انتي اللي هتديها لأمك بنفسك لمّا تقومي بالسلامة”.

أخذت الممرضة دبلة رويدا ووضعتها في جيبها، وبدأت الأخيرة تُملي عليها بياناتها وتحكي تفاصيل ما جرى في الحادث.

رويدا التي مد الله في عمرها لحظات، سمحت للممرضة أن تذهب لتتفقد غيرها من البنات، الذي دخل أكثر من نصفهن إلى ثلاجات الموتى فورًا، لكن صدمتها الكبرى حينما عادت مرة أخرى إليها ووجدت أن قلبها توقف عن النبض وتخضع لمحاولات لإنعاش قلبها، دون جدوى، فقد فارقت الحياة.

بعد أن كانت رويدا الفتاة الوحيدة التي وصلت إلى المستشفى وهي واعية من بين زميلاتها في حادث الإقليمي الدائري، لحقت بهن في النهاية، حتى جاءت والدتها لتتسلم جثـمانها ودبلتها. 



‫0 تعليق

اترك تعليقاً