في الوقت الذي خرج فيه ملايين المصريين يوم 30 يونيو 2013 مطالبين بالخلاص من حكم جماعة الإخوان الإرهابية، كان هناك رجال وقفوا في الصفوف الأولى من المواجهة، ومن بينهم المقدم محمد مبروك، الضابط بجهاز الأمن الوطني، الذي دفع حياته ثمنًا لمواقفه الجريئة وتاريخه المشرف في التصدي لمخططات الجماعة والتنظيمات المتطرفة.
الشهيد محمد مبروك
ونستعيد في ذكرى ثورة 30 يونيو، قصة هذا البطل، الذي استُهدف غدرًا بـ26 رصاصة، لأنه اختار الانحياز للشعب لا للإخوان، وكشف بالأدلة جرائم التخابر، وهروب السجناء، والمخططات التي أرادت لمصر الخراب.
محمد مبروك بطل استثنائي
وُلد الشهيد محمد مبروك عام 1974، وتخرج في كلية الشرطة عام 1995، ليبدأ بعدها رحلته في جهاز أمن الدولة عام 1997، حيث عمل في ملفات حساسة تتعلق بالأمن القومي ومتابعة الجماعات المتطرفة، وبقي على رأس عمله حتى عام 2011، ثم انتقل إلى جهاز الأمن الوطني عقب هيكلة الجهاز.
ولم يكن “مبروك” مجرد ضابط أمن، بل كان رأس الحربة في معارك المعلومات والتحريات التي أسقطت أبرز قيادات جماعة الإخوان، وكان شاهدًا رئيسيًا أمام نيابة أمن الدولة في قضية التخابر المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين، كما شارك في تحريات هروب قيادات الجماعة من سجن وادي النطرون، وكان له دور بارز في التحقيقات الخاصة بأحداث مكتب الإرشاد في المقطم.
يوم استشهاد محمد مبروك
ظل مبروك، هدفًا للجماعات الإرهابية، وعلى رأس قوائم الاغتيال، وفي صباح الإثنين الموافق 18 نوفمبر 2013، خرج الشهيد من منزله كعادته، متوجهًا إلى مقر عمله، لم يكن يعلم أنها لحظاته الأخيرة.
وكان ملثمون يترصدونه في هدوء، وبمجرد اقترابه من سيارته، أطلقوا عليه وابلًا من الرصاص، لتستقر 26 طلقة في جسده، بينها 17 طلقة في وجهه وحده، ليرتقي شهيدًا في مشهد جسد أبشع صور الغدر والخيانة.
التحقيقات تكشف المؤامرة
كشفت تحقيقات النيابة، أن وراء اغتيال مبروك تنظيم أنصار بيت المقدس، الذي خطط لاغتياله أكثر من مرة، ونجا في محاولتين سابقتين، وقاد الخطة محمد علي عفيفي بدوي ناصف، مؤسس التنظيم خارج نطاق سيناء، ومعه محمد بكري هارون، وعدد من العناصر الإرهابية الأخرى.
وبحسب المخطط، تم تجهيز سيارات وأسلحة آلية، وتوزيع الأدوار بدقة، وتولى أحد أفراد الخلية مراقبة منزل الشهيد، وما إن شاهده يقترب من سيارته، حتى تم التواصل مع باقي أفراد المجموعة الذين كانوا في موقع قريب، ليتم تتبعه، ثم إطلاق النار عليه بوابل من الأعيرة النارية، أردته قتيلًا في الحال.
القبض على المتورطين
واستطاعت الأجهزة الأمنية، وزملائه الذين أقسموا على الثأر له، أن تكشف تفاصيل المؤامرة وتلقي القبض على المتورطين، وتقدمهم للعدالة، في واحدة من أهم الضربات الموجهة ضد تنظيم أنصار بيت المقدس.
استُشهد “مبروك” وترك خلفه 3 أطفال في عمر الزهور، وأسرة ما زالت تحتفظ بصوره، وذكرياته، وأوسمته.