في تقييمها لسلوك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران، ترى المحللة السياسية الإسرائيلية ليراز مارجاليت أن نهج ترامب لا يستند إلى الضعف أو التردد، بل إلى عقلية تجارية بحتة، تختلف جذريًا عن منطق الحروب الأيديولوجية التي سادت في الإدارات السابقة.
تقول مارجاليت: “ترامب لا يسعى إلى إسقاط النظام الإيراني، لأنه ببساطة لا يرى في ذلك مكسبًا مضمونًا، على عكس كثير من القادة السابقين، لا يهمه فرض واقع جديد بالقوة، بل يهمه التحكم في الصورة العامة وفي الخطاب المحيط بها، ويريد أن يظهر كمفاوض لا يُضاهى، أكثر من كونه فاتحًا أو محررًا”، حسبما أوردت صحيفة معاريف العبرية.
وتضيف: “هدفه ليس سحق الخصم، بل دفعه إلى التنازل طوعًا، ومنحه في الوقت نفسه مخرجًا مشرفًا، إنه يبحث عن إنجاز يبدو وكأنه اختيار حر من الطرف الآخر، بينما هو في الحقيقة نتاج ضغط مدروس”.
الردع النفسي بدلًا من الضربة العسكرية
بحسب مارجاليت، فإن ترامب يعتمد على ما تسميه “الردع المعرفي”، أي التأثير في سلوك العدو من خلال الضغط النفسي والعقلي، وليس بالضرورة من خلال القوة النارية، فالقرارات العسكرية تترك أثراً مباشراً، لكنها لا تضمن النتائج طويلة، بينما يراهن ترامب على قوة الصورة والإقناع، حتى لو استغرق ذلك وقتًا أطول”.
وترجع مارجاليت بالذاكرة مشيرة إلى المثال الكوري الشمالي، قائلة: “بعد تصعيد عنيف وعبارات مثل النار والغضب، كان لقاء ترامب مع كيم جونج أون بمثابة جائزة، لقد جعل الزعيم الكوري يبدو وكأنه هو من سعى للقائه، في حين أن ترامب هو من صمم المسرح بأكمله”.
الهاجس الأكبر: المسؤولية عن الفوضى
ترى مارجاليت أن ترامب، بخلاف أسلافه، يدرك تكلفة إسقاط الأنظمة، ويرى أنه إذا أطيح بالنظام الإيراني، فإن الفوضى التالية ستكون على حسابه شخصيًا، فالفشل، والعنف، والتطرف، والتفكك – كل ذلك سيُحسب عليه، كما حدث مع جورج بوش الابن بعد العراق، وهذا بالضبط هو الإرث الذي لا يريده ترامب لنفسه.
وبدلًا من دفع إيران إلى حافة الانهيار، تقول مارجاليت: “يسعى ترامب إلى خلق بيئة تجعلها تشعر بأن العودة إلى المفاوضات هو الخيار الأفضل المتاح لها، وهذا يتطلب ضغطًا كبيرًا، لكنه أيضًا يتطلب ما نسميه في نظرية الألعاب السياسية ”الجسر الذهبي” – وهو منح العدو مخرجًا مشرفًا يستطيع أن يُسوّق به تراجعه داخليًا”.
فن النصر الخفي
“الفوز الحقيقي في نظر ترامب”، بحسب مارجاليت، “هو أن يشعر العدو بأنه ربح شيئًا ما، بينما يكون قد خسر فعليًا كل ما كان يتمسك به، وهذا النوع من الانتصارات لا يُبنى على الصور الرمزية أو استعراض القوة، بل على شعور الخصم بأنه اتخذ قرارًا ذكيًا، وليس أنه أُجبر على الاستسلام”.
واختتمت مارجاليت تحليلها بالقول: “ترامب مستعد للتنازل عن مشاهد الانتصار الظاهر – مثل إسقاط علم إيران من فوق المباني الحكومية – إذا كان بإمكانه تحقيق تغيير في سلوك طهران، إنه لا يسعى إلى انتصار ساحق، بل إلى نتيجة يمكن تسويقها على أنها ثمرة عبقريته التفاوضية، وهذا ما يجعله، في نظر الكثيرين، رجل المرحلة في لعبة التوازنات الكبرى”.