على بُعد نحو 70 كيلومترًا جنوب شرق مدينة بني سويف يقع أحد أعجب التكوينات الجيولوجية في مصر والعالم وهو “كهف سنور” أو كما يسميه البعض بـ كهف العجائب، والذي يُعد من أندر الكهوف الجيرية في العالم ويتميز بتكويناته البلورية الطبيعية التي تشكلت على مدار ملايين السنين في صمت تام لتصبح اليوم شاهدًا حيًا على تاريخ جيولوجي مدهش قلّما تراه العين المجردة.
اكتشاف بالصدفة.. وبداية قصة من الجمال والدهشة
تم اكتشاف كهف سنور في عام 1992 عن طريق الصدفة أثناء عمليات التنقيب عن خام الألباستر التي كانت تجرى لصالح هيئة المساحة الجيولوجية، وبينما كانت الحفارات تعمل في المنطقة انفتحت فجوة كبيرة كشفت عن مدخل الكهف ليظهر أمام الباحثين عالم ساحر من التكوينات البلورية التي لم ترَُ من قبل في مصر.

ومنذ تلك اللحظة بدأ الاهتمام بالكهف باعتباره كنزًا طبيعيًا يجب الحفاظ عليه خصوصًا أنه يُعد واحدًا من الكهوف النادرة التي تحتوي على ترسيبات من مادة “الأراجونيت” النقية.
كهف سنور من الداخل.. متحف بلوري تحت الأرض
يمتد الكهف لمسافة تقارب الـ 700 متر داخل عمق الجبل ويمتلئ بتكوينات كلسية وصواعد ونوازل كريستالية تتدلى من السقف أو تنمو من الأرض مشكلةً أشكالاً خرافية تثير خيال الزائر وتظُهر عظمة الطبيعة في أدق تفاصيلها.
وتعُد التكوينات البلورية الموجودة داخل الكهف من نوع “الأراجونيت” وهو معدن كربونات الكالسيوم المعروف بجماله وندرته وتضفي هذه التكوينات على الكهف لمسة جمالية جعلته محل اهتمام علمي وسياحي عالمي.

قيمة بيئية وعلمية نادرة
كهف سنور ليس مجرد مزار سياحي بل هو معمل طبيعي مفتوح للعلماء والباحثين فالتركيبة الجيولوجية النادرة للكهف ودرجة الحرارة والرطوبة الثابتة داخله تجعله نموذجًا حيًا لدراسة تطورات الأرض عبر العصور، وصنفته هيئة اليونسكو ضمن المحميات الطبيعية تقديرًا لقيمته البيئية والعلمية، وتأكيدًا على ضرورة حمايته من العبث أو التدمير.

التحديات.. والسياحة المحدودة
رغم أهميته الكبيرة يواجه كهف سنور عدة تحديات تعرقل استغلاله سياحيًا بالصورة المناسبة، فالبنية التحتية المؤدية إلى الكهف ما زالت تحتاج تطويرا، والطريق المؤدي إليه وعر وغير ممهد بشكل كافٍ ما يجعل الوصول إليه مغامرة في حد ذاتها.
كما أن الكهف مغلق أمام الزوار في أغلب الأوقات ولا يُفتح إلا بتصريح خاص من وزارة البيئة، خوفًا من تضرر التكوينات النادرة داخله نتيجة التدخل البشري.

دعوة لإعادة الاكتشاف.. واستثمار السياحة البيئية
كهف سنور كنز مصري مدفون يستحق تسليط الضوء عليه محليًا وعالميًا، فمع تزايد الاتجاه العالمي نحو السياحة البيئية والمغامرات الطبيعية يمكن لهذا الموقع أن يتحول إلى مقصد سياحي علمي وثقافي متميز يجذب السائحين من شتى بقاع الأرض، خاصة من المهتمين بجيولوجيا الأرض وتكويناتها الفريدة.

رسالة من باطن الأرض
كهف سنور ليس مجرد تجويف في الصخور بل رسالة صامتة من باطن الأرض تخُبرنا أن مصر لا تملك فقط آثارًا فرعونية وكنوزًا على سطح الأرض، بل تمتلك أيضًا عجائب تحت سطحها تنتظر فقط من يكتشفها ويحسن استغلالها.




