في شوارع مدينة خانيونس المنكوبة جراء الحرب، وفي قلب ميدان يظنه المحتل مغلقًا إلا عليه، جرت واحدة من أكثر العمليات جرأة منذ بدء الحرب على غزة.
لم تكن العملية مجرد اشتباك، ولا حتى كمينًا اعتياديًا، بل كانت “رمية سباعية” قاتلة، بطلها أحد مقاتلي كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس)، لا يرتدي زيًا عسكريًا متطورًا، ولا يحمل درعًا إلكترونيًا، بل ينتعل حذاءً بسيطًا، ويجسد ببسالة معادلة جديدة: “كرة السلة على الطريقة الغزية”.
الرمية تبدأ من المسافة صفر
في مشهد أشبه بلقطة من أفلام “الأكشن” الهوليوودية، تسلل المقاتل القسّامي، إلى منطقة عسكرية إسرائيلية مشددة الحراسة في خانيونس، كان يحمل عبوة “شواظ” ناسفة محلية الصنع، لا سلاحًا متطورًا ولا طائرة مسيرة، وقفز فوق ناقلة جند مدرعة إسرائيلية، تعج بالجنود، وأسقط العبوة مباشرة داخل قمرة القيادة، ثم انسحب سريعًا من المكان دون أن يصاب، تاركًا خلفه كتلة من الحديد مشتعلة وسبعة جنود – بينهم ضابط – قتـلى.
إسرائيل تعترف: كمين القسام أفقدنا الهيبة
مشاهد العملية، التي اجتاحت السوشيال ميديا وثقت استهداف ناقلتي جُند إسرائيليتين في الكمين المحكم بخانيونس، وأسفرت – بحسب الاعتراف الإسرائيلي – عن مقتل سبعة جنود وإصابة 16 آخرين، لتصبح العملية واحدة من أكبر الضربات النوعية في القطاع خلال الأسابيع الأخيرة.
وعلى الرغم من محاولة الجيش الإسرائيلي التخفيف من أثر العملية، فإن وسائل إعلام عبرية نقلت عن ضابط كبير وصفه للمشاهد بأنها “مخزية” و”لا تضفي احترامًا على الجيش”، كاشفًا وقوع أربع عمليات مماثلة في الشهر نفسه ضد الفرقة 36، التي تكبدت هذه الخسارة الفادحة.

رمية بسبع نقاط
تفاعلات المشهد انتقلت سريعًا إلى منصات التواصل، حيث اختار المغردون ألا يروه من زاوية عسكرية تقليدية، بل من باب المقارنة الساخرة بين “الرمية الثلاثية” في كرة السلة، و”الرمية القتالية” التي نفذها مقاتل القسام.

أحد النشطاء كتب على منصة “إكس”: “هذه التسديدة تحسب نقطتين في كرة السلة، لكن مجاهد القسام جعلها تحسب سبع نقاط”.
بينما علق آخر: “في غزة.. الرمية من المسافة صفر، تساوي حفلة شواء جماعي”.

البطل الذي هزم المدرعة بشبشب
الوجه الآخر للمشهد لم يكن فقط في المهارة العسكرية، بل في الرمزية الكاملة التي جسدها المقاتل الغزي، إذ ظهر الشاب بملابس بسيطة، شبشب “أبو إصبع”، يقف في مواجهة مدرعة مدججة بالتقنيات والجنود، في بلد محاصر وجائع وأهله نازحون.
أحد المدونين كتب: “هذا هو المقاوم الحقيقي، يجعل من الرمل كمينًا، ومن الحذاء الممزق أقوى من ترسانة الجيوش”.
منشورات المقاومة
كتائب القسام لم تكتف بتنفيذ الكمين، بل بثت مشاهد مصورة وثقت تفاصيل دقيقة للعملية، ما أربك الجيش الإسرائيلي وكشف تناقض روايته الرسمية.