أسباب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في مشهد غير مسبوق منذ عقود، وجدت الولايات المتحدة نفسها بقيادة الرئيس دونالد ترامب مضطرة للتدخل سياسيًا لوقف مواجهة عسكرية واسعة بين إسرائيل وإيران، بعد أن خرجت الحرب عن السيطرة وتحوّلت إلى معركة صاروخية مباشرة. 

جاءت الضربات الإيرانية بصواريخ متطورة مثل “خيبر شكن” و*”سجيل-2″* و*”فتاح-2″* لتعيد رسم موازين الردع في الشرق الأوسط، وتكشف هشاشة الدفاعات الإسرائيلية، وتضع الإدارة الأمريكية في موقف حرج أمام الداخل والخارج، بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها العسكرية ضد إيران.

ضربات إيرانية نوعية تهز الداخل الإسرائيلي

مع بدء المواجهة، شنّت إسرائيل ضربات جوية وصاروخية محدودة ضد منشآت عسكرية إيرانية، بينها مواقع للحرس الثوري في طهران وأصفهان، بمساندة استخباراتية أمريكية. لكن الرد الإيراني جاء صادمًا، ليس في حجمه فحسب، بل في دقته وتطور وسائله.

إيران استخدمت في الرد:

صاروخ “سجيل 2” بعيد المدى (أكثر من 2000 كم)، يعمل بالوقود الصلب، وتم تطويره ليصيب أهدافًا بدقة متناهية رغم بعد المسافة.

صاروخ “خيبر شكن” الفرط صوتي، الذي يتجاوز سرعة 5 ماخ ويصعب على الأنظمة الدفاعية رصده أو اعتراضه.

صاروخ “فتاح 2” الفرط صوتي أيضًا، المخصص لاختراق التحصينات وتفادي الرادارات.

وقد استهدفت هذه الصواريخ مدنًا استراتيجية داخل إسرائيل مثل تل أبيب وحيفا وبئر السبع، إضافة إلى قواعد عسكرية في النقب، ومرافق حيوية مثل الموانئ ومحطات الكهرباء والمطارات.
النتيجة: شلل جزئي وهلع جماهيري. أُجبر ملايين الإسرائيليين على النزول إلى الملاجئ.
انهارت شبكات الاتصال في مناطق متفرقة.
تضررت منشآت حيوية، رغم محاولة الإعلام الإسرائيلي التقليل من حجم الخسائر.
سجلت مصادر أمريكية وقوع أكثر من 100 إصابة مباشرة في بنى تحتية إسرائيلية خلال الساعات الأولى للرد الإيراني.
تقارير CNN: فشل أمريكي في تحييد القوة الإيرانية
في تقرير تحليلي نشرته شبكة CNN، أكدت أن الضربات الأمريكية المحدودة التي استهدفت مواقع مشتبه بها داخل إيران لم تحقق أهدافها الأساسية، وهي:

شلّ منظومة إطلاق الصواريخ الإيرانية.

استهداف مفاعل بوشهر النووي ومنشآت نطنز.

وأشارت الشبكة إلى أن إيران امتصت الضربة الأولى واستمرت في الرد المكثف، ما كشف أن:

1. المعلومات الاستخباراتية الأميركية والإسرائيلية كانت غير دقيقة في تحديد مواقع منصات الإطلاق المتحركة.
2. القدرات الإيرانية أصبحت لا مركزية، ولا يمكن تحييدها بسهولة.
3. الدفاعات الجوية الأمريكية المنتشرة في الخليج فشلت في اعتراض جميع الصواريخ، وهو ما زاد من الإحراج السياسي والعسكري للإدارة الأمريكية.

ترامب يتراجع تحت ضغط الصواريخ والداخل الأمريكي

أمام هذا التصعيد المذهل، ومع تزايد الضغط داخل الكونغرس والمجتمع الدولي، ومع مؤشرات على احتمال تورط واسع في الحرب، وجد الرئيس ترامب نفسه مضطرًا لإيقاف المواجهة. وقد أشارت مصادر داخل البنتاغون إلى أن ترامب:

طلب من القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط وقف الضربات التصعيدية فورًا.
أمر بفتح قنوات اتصال سرية مع وسطاء دوليين (قطر وسويسرا) للتوصل إلى تهدئة عاجلة.
أبلغ إسرائيل صراحة برفض الانخراط في حرب شاملة، وأن بلاده لن ترسل قوات برية لأي عملية في إيران.
وهكذا بدا واضحًا أن الولايات المتحدة، رغم تفوقها العسكري، لم تكن مستعدة للدخول في حرب شاملة مع دولة ذات بنية استراتيجية مثل إيران.
أهمية الموقع الاستراتيجي لإيران
جزء كبير من الحسابات العسكرية والسياسية التي دفعت ترامب للتراجع ارتبطت بموقع إيران الجغرافي والجيواستراتيجي:

تتحكم في مضيق هرمز، الممر الذي يمر عبره أكثر من 20% من إمدادات النفط العالمية.

تطل على بحر قزوين من الشمال، والخليج العربي من الجنوب، وتجاور العراق وتركيا وأفغانستان وباكستان.

تمتلك شبكات نفوذ إقليمية عسكرية واستخباراتية في سوريا، ولبنان، والعراق، واليمن.

لديها القدرة على إغلاق مضيق هرمز أو تهديد السفن الخليجية في حال نشوب حرب شاملة.

هذا الموقع يجعل أي حرب ضد إيران حربًا إقليمية متعددة الجبهات، وليست معركة بين جيشين فقط. ثروات الطاقة تعزز مناعة إيران. أضف إلى ذلك أن إيران تحتفظ بـ: رابع أكبر احتياطي نفط في العالم. ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي بعد روسيا. شبكة بنية تحتية متطورة نسبيًا في التكرير والبتروكيماويات. علاقات متقدمة مع الصين وروسيا في مجال الطاقة، وعقود طويلة الأجل لتوريد النفط والغاز.

هذه الثروات تمنحها أوراق ضغط اقتصادية على الأسواق العالمية، وتجعلها جزءًا أساسيًا من معادلة الطاقة الدولية، خصوصًا مع تصاعد الطلب العالمي على الغاز.

إيران قلبت المعادلة.. وترامب يُجبر على وقف الحرب

ما حدث في تلك المواجهة التاريخية بين إيران وإسرائيل أكد أن الشرق الأوسط دخل عصرًا جديدًا من الردع المتبادل. فإيران لم تعد ذلك الخصم المحاصر القابل للاحتواء، بل أصبحت قوة إقليمية قادرة على فرض توازن الرعب بصواريخها الباليستية والمتطورة، وقادرة على تحييد التفوق الجوي والتكنولوجي لإسرائيل ولو مؤقتًا.
ترامب، رغم عنفه الخطابي، أدرك أن الدخول في حرب مفتوحة مع إيران هو مقامرة كارثية، فاختار التراجع التكتيكي. أما إسرائيل، فقد اكتشفت أن معركتها مع طهران ليست سهلة، وأن الضرب من الجو لا يمكنه حسم المواجهة مع خصم يتمدد في الأرض ويمتلك من القدرات ما يكفي لإيلام العمق الإسرائيلي.
وهكذا، تُثبت الجغرافيا، والتكنولوجيا، والموارد، مرة أخرى، أن الردع الحقيقي لا يُبنى بالشعارات، بل بإعادة توزيع القوة على الأرض. وإيران، شئنا أم أبينا، فرضت حضورها كرقم صعب في معادلات القوة بالمنطقة.



‫0 تعليق

اترك تعليقاً